America's Culture of Violence Infects the World and Itself

<--

أية فاشية تنتج كل هذا العنف في الولايات المتحدة؟ * باتر محمد علي وردم

حمد علي وردم

ترى على أي نوع من “الفاشية” سوف يضع الرئيس الأميركي جورج بوش اللوم بعد تزايد جرائم القتل العشوائي والوحشي في المدارس الأميركية والتي كان آخرها اقتحام مدرسة لطائفة الآميش المسيحية التي ترفض كل أشكال العنف وتزهد في بذخ الدنيا وقتل أربع طفلات بريئات بدون ذنب؟
بالطبع لا توجد فاشية إسلامية في هذا السياق ولن يستطيع بوش أن يتهم فاشية مسيحية أو أنجيلية ولكن على سيد البيت الأبيض الذي يحاول أن يظهر بدور الأخلاقي العظيم في الولايات المتحدة أن يعرف أن مصدر الشر والعنف في الولايات المتحدة هو الثقافة الأميركية نفسها.
هنالك قداسة كبيرة للسلاح في الولايات المتحدة والمنظمات المعنية بالدفاع عن حقوق حمل السلاح قد تكون ثاني أشد المنظمات تأثيرا بعد اللوبي الصهيوني وهي بالتالي الأشد تأثيرا على السياسة الداخلية الأميركية ، وثقافة السلاح الأميركي موجودة في كل المنتجات الأميركية سواء الأفلام أو الموسيقى أو الأغاني أو حتى اللوحات والروايات ، فالقتل والسلاح أصبح عنصرا مرتبطا بنمط الحياة الأميركي حتى لدى صغار السن. في الولايات المتحدة تقع سنويا 20 ألف جريمة قتل حسب إحصائيات وكالة الأمن الداخلي ، أي 50 جريمة يوميا وتقع حوالي 100 ألف حالة اغتصاب ونصف مليون سرقة ، وهذه أرقام كبيرة حتى لدولة مليئة بالسكان مثل الولايات المتحدة وتدل على ثقافة عنف منتشرة. والأسوأ من ذلك أن العنف تتم زراعته في المدارس فحالات الاعتداء والضرب والقتل والاغتصاب في المدارس تشكل حوالي %35 من هذه الجرائم وهي نسبة مذهلة تدل على خلل كبير في قيم التنشئة التعليمية في الدولة “زعيمة العالم الحر” ولكنها نتيجة طبيعية لثقافة العنف الاجتماعية والتفكك الأسري.
لا نريد أن نعطي مواعظ أخلاقية للولايات المتحدة فالعنف منتشر أيضا في العالم العربي ولكنه “عنف منظم” وبرعاية رسمية في معظم الحالات ولكن الانفلات التام في العنف الاجتماعي بات ظاهرة أميركية بامتياز ، وربما لا تتفوق على الولايات المتحدة في هذا المجال إلا عصابات البرازيل وكولومبيا وبعض دول افريقيا ، وهذا ما يجعل التصدي لثقافة العنف الأميركية هدفا أكثر أهمية لدى صانع القرار الأميركي من محاربة الإرهاب الخارجي ولكن هذا بالطبع ليس من ضمن أولويات اللوبي الصهيوني الذي يحدد السياسات الأميركية.
مشكلة ثقافة العنف الأميركية أنها تنتشر كالفيروسات في كل أنحاء العالم عبر المنتجات الرديئة التي تسمى “ثقافية” مثل الأفلام الأميركية المليئة بالعنف ، حيث نجد أبطال الشاشة الأميركية وهم يقتلون عشرات الآخرين في الأفلام ويرتكبون الجرائم التي تثير إعجاب المراهقين وخيالهم ، وتكون عملية تقليد هذه المشاهد في الحياة الواقعية قضية وقت لا أكثر وخاصة عندما يتحول أبطال العنف إلى سياسيين يحكمون الناس مثل أرنولد شوارزينجر.
قبل أن يوزع الرئيس الأميركي اتهاماته بالفاشية والعنف على من يعارض سياساته من الأفضل له أن يجعل مدارسه مكانا آمنا للتعليم كما يحدث في كوبا وإيران وسوريا على سبيل المثال وهي الدول التي يسميها محورا للشر ولكنها على الأقل توفر أمنا لمواطنيها تعجز عنه كل أجهزة الأمن الأميركية التي تصرف بلايين الدولارات سنويا.

About this publication