Iraq Is America’s Priority in the War

<--

العراق أولوية أميركا في الحرب

عد قرابة ثلاثة أشهر على بدء العمليات العسكرية لأميركا والدول الحليفة في العراق وسورية ضد تنظيم “داعش”، بدأت الإدارة الأميركية، تظهر اهتماما أكبر بالجبهة العراقية، رغم استمرار الغارات الجوية على معاقل “داعش” في سورية.

ثمة عوامل عديدة تدفع إدارة الرئيس أوباما إلى الاعتقاد بأن فرص كسب الحرب في العراق أكبر منها في سورية. وفي مقدمة هذه العوامل وجود حكومة مركزية يمكن العمل معها لإنجاز المهمة، إضافة إلى استعداد بعض العشائر السنية للتعاون مع الجانب الأميركي والجيش العراقي لمحاربة “داعش” في مناطقها، إضافة إلى قوات البيشمركة الكردية، التي تعد حليفا رئيسيا للولايات المتحدة.

الخطط الأخيرة التي أعلن عنها البيت الأبيض تكشف بوضوح أن لدى الإدارة الأميركية تصورا متكاملا للكيفية التي يمكن معها هزيمة “داعش” في العراق، بينما لايتوفر أدنى تصور لتحقيق الهدف ذاته في سورية.

البيت الأبيض أعلن أمس الأول أن الرئيس الأميركي أمر بنشر نحو 1500 عسكري إضافي في العراق، للقيام بمهام تدريب قوات الأمن العراقية والكردية. كما ستطلب الإدارة من الكونغرس تخصيص نحو 5 مليارات دولار للعمليات في العراق وسورية. لكن عند التدقيق في أوجه إنفاقها يتبين أن معظم المبالغ ستذهب لتدريب كتائب الجيش العراقي، وهى المهمة التي ستؤسس من أجلها مراكز تدريب في عدة مناطق في العراق من بينها الأنبار، للمساعدة “في عملية بناء قدرات وإمكانات عراقية”.

لنتذكر أن التدخل العسكري الأميركي كان هدفه الأول والأساس حماية العراق من السقوط في يد “داعش”. لم يكن واردا في ذهن الإدارة الأميركية شن أية عمليات عسكرية في سورية. فبعد التقدم السريع لداعش في شمال ووسط العراق، وسيطرة مقاتلي تنظيم الدولة على مدينة الموصل، وتهديد المناطق الكردية، اتخذت الإدارة الأميركية وعلى عجل قرارها بالتدخل عبر الضربات الجوية والمساعدة الأرضية لوقف زحف التنظيم نحو إقليم كردستان من جهة، وبغداد من جهة أخرى. لكن تبين للولايات المتحدة أنه لا يمكن تحقيق الانتصار على “داعش” في العراق دون ضرب قواعدها الخلفية في الرقة ودير الزور، هذا قبل أن تبرز كوباني كتحد طارئ.

بهذا المعنى فإن سورية مجرد هدف ثانوي وليس رئيسيا في الحرب ضد “داعش”. الهدف الاستراتيجي هو العراق بالدرجة الأولى، لأن سقوط العراق كان يعني بالضرورة فشل السياسة التي انتهجتها إدارة اوباما حيال بلد احتلته قوات أميركية وأسقطت نظامه، لكنها غادرته بعد عشر سنوات في حال يرثى لها.

والسبب الرئيسي الذي يجعل من سورية هدفا ثانويا في الحرب، هو عدم توفر حلفاء جديين على الأرض؛ المعارضة السورية “المعتدلة” مفككة وضعيفة، بينما اليد الطولى لتنظيمات متشددة لايمكن العمل معها، ولنظام بشار الأسد الذي سحبت واشنطن غطاء الشرعية عنه منذ سنتين تقريبا.

لكن ورغم توفر عوامل كسب الحرب في العراق، فإن النجاح ليس مؤكدا، ومايزال محفوفا بالمخاطر. فالعمل العسكري وحده لن يكون كافيا، إذا لم تلازمه مقاربة سياسية داخلية، هى من مسؤولية حكومة حيدر العبادي. لقد التزم الأخير ببناء إجماع وطني عراقي، ودمج السنة في العملية السياسية، والنظر بحزمة المطالب التي تقدم بها زعماء العشائر، لكنه وحتى الآن لم يتخذ ما يلزم من خطوات لتحويل المصالحة الوطنية إلى حقيقة ملموسة في العراق.

النجاح في العراق وإن كان ممكنا، فإنه يتطلب سنوات من العمل، أما في سورية، فالمرجح أن القوى الدولية ستترك هذ البلد ليواجه مصيرا مجهولا.

About this publication