Trump and the American Countryside

<--

المعارك التجارية، كإحدى أهم بصمات السياسة الخارجية لإدارة ترامب، وصلت لحد الحرب التجارية الشاملة الأسبوع الماضى ضد الصين، وقد تمثل مخاطرة سياسية بالنسبة لترامب وحزبه فى الانتخابات القادمة.

فترامب جاء للحكم بعد حملة انتخابية تعهد فيها بوقف «استغلال الدول الأخرى» لبلاده. وخاض بالفعل معارك ضد حلفاء أمريكا، قبل خصومها. فقام بإلغاء اتفاق «نافتا» للتجارة الحرة، الذى كان ساريا منذ التسعينات بين بلاده وكل من كندا والمكسيك، وأبرمت إدارته اتفاقًا بديلًا مع البلدين لم تصدق عليه الدول الثلاث بعد. فلأن الولايات المتحدة فرضت تعريفات جمركية على الصلب والألومنيوم المستورد من البلدين، فقد رد البلدان بالمثل. واستهدف كلاهما قطاع الزراعة الأمريكى، إلى أن أعلن ترامب منذ أيام إلغاء التعريفات الأمريكية.

وكانت آخر حلقات الحروب التجارية تلك التى اندلعت الأسبوع الماضى بعد انهيار جولة التفاوض بين أمريكا والصين، بخصوص اتفاق تجارى جديد. فبمجرد انهيار المفاوضات، أعلنت إدارة ترامب أنها قد رفعت من 10% إلى 25% التعريفة الجمركية، المفروضة أصلا، على سلع صينية قيمتها 200 مليار دولار. ثم هدد ترامب بنفسه بفرض التعريفة الجمركية نفسها على المتبقى من سلع تصدرها الصين للولايات المتحدة وتبلغ قيمتها 350 مليار دولار. وقد ردت الصين بالمثل فورا، فأعلنت أنها تفرض تعريفة جمركية قدرها 25% على صادرات أمريكية قيمتها 60 مليار دولار. ومما يبدو حتى الآن، لا توجد مؤشرات على أن أيا من البلدين ينوى التراجع قبل الآخر. فالصين لديها حساسيات تاريخية من أن تبدو وكأنها تتراجع أمام الضغوط الأجنبية، وهوجم مفاوضها التجارى مع الولايات المتحدة مؤخرا بموجب المعنى نفسه. أما الرئيس الأمريكى فهو يؤمن بأن الحرب التجارية تمثل ورقة رابحة تعزز علاقته مع جمهوره الرئيسى الذى انتخبه. لكن ربما تلك هى بالضبط المخاطرة السياسية، إذ توجد مؤشرات تدل على العكس. فحزب الرئيس لا يبدو مؤيدًا له، خصوصا بعدما علت أصوات قطاع حيوى من جمهور ترامب الرئيسى غضبًا بسبب معاناتها من إلغاء اتفاق نافتا ثم المعاناة المرتقبة بعد فرض الصين التعريفات الجمركية.

فالحزب الجمهورى هو حزب التجارة الحرة تقليديًا. لكن نظرًا لشعبية ترامب، كان أغلب الأعضاء الجمهوريين على استعداد لإعطائه الفرصة لإعادة التفاوض مع الدول الأخرى كما أراد. لكن التعريفات الجمركية التى فرضتها الصين على الصادرات الأمريكية قد زادت من معاناة الريف الأمريكى الذى يقوم بتصدير منتجاته للصين. والولايات الزراعية هى معقل الحزب الجمهورى وقطاع جوهرى من جمهور ترامب الرئيسى الذى انتخبه. ولعل أهم ما قيل تعبيرًا عن أزمة ترامب وحزبه مع هذا القطاع هو ما قاله السناتور الجمهورى الذى يمثل ولاية ويسكنسن التى تأثرت سلبا بالحروب التجارية التى يخوضها ترامب. فالسناتور رون جونسون، وصف حرب التعريفات الجمركية، مع الصين، بعد المكسيك وكندا، بأنها «لعبة بوكر محفوفة بالمخاطر أتمنى أن نفوز فيها»

About this publication