Advice for the Iraqi Resistance Before Talks with Americans

<--

“مفاوضات حقيقية”؟

ناهض حتر

نقل مراسل “العرب اليوم”, النشيط, يوسف المشاقبة, عن مصدر بارز في المقاومة العراقية ان ممثلين عن “الجيش الاسلامي في العراق” التقوا في عمان, مؤخراً, ممثلين عن الادارة الامريكية, وذلك تمهيداً للقاءٍ ثانٍ أوسع, يمثل فيه »الجيش«, الفصائل الأخرى, قبل الدخول في »مفاوضات حقيقية« مع الاحتلال الامريكي.

وهذا التعبير دقيق تماماً. فاللقاءات الحالية ليست »حقيقية«. وانما هي جزء من حملة علاقات عامة تقوم بها ادارة بوش الصغير, قبيل الانتخابات النصفية للكونغرس في 7/11 المقبل. وقد أدت هذه الحملة, بالفعل, الى تحسين وضع حزب الرئيس الامريكي, الحزب الجمهوري, 4 نقاط, من نسبة 34 بالمئة الى نسبة 38 بالمئة في القضية الرئيسية المطروحة في الجدل السياسي الامريكي, وهي حرب العراق.

وقد كنّا نتمنى الاّ يمنح »الجيش الاسلامي في العراق«, ادارة بوش الصغير, هذه الهدية الانتخابية المجانية. ولكن, طالما ان ذلك حصل بالفعل, فلننظر الى المستقبل.

اولاً – اذا سيطر »الديمقراطيون« على »الكونغرس« في 7/,11 فسوف تكون ادارة بوش الصغير, مشلولة سياسياً. ولا نستطيع, منذ الآن, تقدير الاحتمالات الممكنة في هذه الحالة, لكن من المفروغ منه, عندها, ان أي تغيير جوهري في الاستراتيجية الامريكية في العراق, سوف يتطلب تفاهم الحزبين الامريكيين الرئيسيين وأحسب أنه لا جدوى, إذ ذاك, من اجراء »مفاوضات حقيقية« مع ممثلي البيت الأبيض, على الأقل الى ان يتضح مسار »الاجماع الامريكي« أإلى اتفاق على رؤية جديدة بشأن العراق أم الى المراوحة وتقطيع الوقت حتى الانتخابات الرئاسية في 2008?

ثانيا- اذا حافظ »الجمهوريون« على سيطرتهم على الكونغرس, فالأرجح انه لن يحدث تغيير جدي في الاستراتيجية الامريكية في العراق. سيواصل بوش الصغير, عندها, حربه الاجرامية بكل الوسائل. وبصورة خاصة, سوف يسعى الى تعزيز ما يسمى »بالعملية السياسية« القائمة على المحاصصة الاثنية والطائفية – ومآلها الفعلي هو التقسيم الواقعي او حتى الدستوري للعراق – هنا, سوف تكون »المفاوضات الحقيقية« مع فصائل المقاومة العراقية – السنية – ذات سقف معروف مسبقاً, ويتمثل في ادماج هذه الفصائل في المحاصصة الطائفية و/أو الترتيب معها لإدارة الكانتون السني و»حدوده« و »مصالحه« و»حصته من الريع النفطي العراقي«, و »دوره في التصدي لايران« ولا يخفى ان هذا السياق كلّه – المحاصصة او التقسيم – لا يخرج, ولا يمكنه ان يخرج عن سياق الاحتلال الامريكي المديد, أو, في أحسن الاحوال, ضمان النفوذ الامريكي المدعوم بقواعد عسكرية دائمة في العراق.

ثالثاً: أنا أعرف أن أغلبية فصائل المقاومة العراقية, سوف تلح – في أية مفاوضات – على الانسحاب الامريكي الكامل, ووحدة العراق, ورفض المحاصصة.. الخ لكن سياق المفاوضات نفسها سوف يتقرر بالنظر الى الوضع الفعلي للمفاوض العراقي.

والمفاوض العراقي – في هذه الحالة – محكوم – للأسف – بتمثيل طرف واحد من أطراف المعادلة العراقية. فهو لا يملك – في النهاية – سوى التفاوض على »حصته« او »كانتونه«. ولا يملك التفاوض باسم العراق كلّه حتى لو انه يريد ذلك, ويصرّ عليه. ومع ذلك, دعنا نأخذ كل الاحتمالات بعين الاعتبار: اذا حصلت المقاومة العراقية على افضل الشروط الممكنة في اطار » حصة السنّة« او »كانتون السنة«, فهي تكون, عندها, قد اندرجت في مشروع المحاصصة او التقسيم. واذا قبل الامريكيون بتمثيل »المقاومة« لكل العراق .. فان المحصلة ستكون, في افضل الأحوال, هي سلطة طائفية تفرض نفسها بالقوة على المجتمع العراقي, بالتحالف مع الامريكيين, وبالتأكيد ضد ايران, وتحديداً في عملية تستهدف اشعال حرب اقليمية جديدة. فهل هذا ما نهض له المقاومون العراقيون? وهل هذه هي نتيجة البطولات والتضحيات الجسام?

الاحتمال الثالث هو »مفاوضات من اجل المفاوضات« – على الطريقة الاسرائىلية – الفلسطينية – وانشقاق فصائل المقاومة بين القبول بالعروض الامريكية ورفضها, والتناحر الداخلي, والاقتتال وبقية السيناريو المعروف.

مرة أخرى نقول للأعزاء في المقاومة العراقية: المفاوضات مع العدوّ ليست حراماً, ولكن ينبغي ان يسبقها, أولاً, مفاوضات عراقية – عراقية, والتوصل الى مشروع وطني عراقي بديل عن »العملية السياسية« الطائفية, وبناء جبهة تمثل العراقيين – من كل المناطق والأطياف – هي, وحدها, التي تستطيع أن تفاوض باسم العراق كلّه, وتطرح المطالب الوطنية العراقية في سياق واقعي.

وأختم بسؤال بسيط يحيّرني: اذا كنتم مستعدين للقاء الامريكيين – فما الذي يمنع اذن, من اللقاء مع القوى والشخصيات الوطنية العراقية المناهضة للاحتلال, سواء الشيعية او العلمانية, الاسلامية او القومية او اليسارية?

هذه هي اللقاءات الحقيقية التي تقود الى مفاوضات حقيقية مع العدوّ لتحديد شروط هزيمته.

About this publication