Cars, Wars and Democracy

<--

توقيع

2007/09/24

توقيع

السيارة والحرمان .. والحروب

فاتح عبدالسلام

السيارة .. يمكن ان تكون دبابة أو مصفحة أو مدرعة أو شاحنة أو حافلة طويلة .. وأضيف اليها صنف جديد في العراق هو المفخخة. والسيارات في العالم مظهر من مظاهر الحضارة والتنافس التجاري والجمالي. وهناك دول تنازل دولاً اخري من دون سلاح.. ولكن بصناعة السيارات عبر غزو بسيارات منافسة في السعر والجمالية واستهلاك الوقود. وبين اليابان والولايات المتحدة هذا النوع من الحروب منذ أربعين سنة بعد أن اجبرت اليابان علي التخلي عن صناعاتها العسكرية إثر خسارتها الحرب العالمية الثانية.

وفي العراق السيارة اصبحت نقمة علي الناس لشحة الوقود، وبات رقمها ولوحة تسجيلها مصدراً للشبهة ومبرراً للقتل الطائفي عند معابر السيطرات الوهمية وغالباً السيطرات الرسمية المحمية بأسلحة الحكومة.

كما أن تقطيع جسد بغداد بالموانع الكونكريتية وتغيير مسارات الطرق التي تمر بمحاذاة المنطقة الخضراء أو قريباً من بيوت الزعماء السياسيين حيث حول كل واحد منهم بيته الي قصر رئاسي (قطاع خاص). الي جانب قرارات منع التجوال العادية والاستثنائية .. كل ذلك جعل من السيارة مصدراً لمتاعب الانسان العراقي وقلقه في أفضل الاحوال .. ان لم تكن مفتاحاً لنار جهنم عليه.

قد يستغرب الانسان الأوربي أو من بلدان عربية، كيف يمكن أن تتحول السيارة الي نقطة ضعف الفرد والعائلة في العراق. هذا القلق … الموت … امتد الي علاقة الامريكيين في العراق بالسيارات اذ اصبحت عدواًٌ رسمياً لهم فهي مصدر خوفهم في الشارع لأن احتمال ان تكون مفخخة وارد في اية لحظة عند مرور أرتالهم التي تهين الأرض والانسان في بلاد الرافدين، كما ان نعمة السيارة انقلبت عليهم ايضاً الي نقمة، فسياراتهم معروفة الموديلات والاشكال والملحقات ومن الصعب حمايتها فهي صيد من الجهات الاربع متي ما ظهرت في بغداد وباتت خسائرهم جراء العبوات الناسفة والكمائن تستوجب قرار منع التنقل عليهم في بغداد وما حولها بالسيارات وحصر التنقل بالطائرات التي سقط منها عشرون او ثلاثون ولكنها تبقي الوسيلة الأكثر أماناً لديهم.

في الحرب الامريكية الاولي علي العراق حرم العراقيون بضعة اشهر من السيارات عام 1991 بسبب ضرب مصافي النفط. وفي هذه الحرب يكاد يتساوي الامريكيون وبعض العراقيين في الحرمان من التمتع بقيادة السيارات في أجواء آمنة أو في بحبوحة من البنزين. يا تري أين اصبحت الديمقراطية من كل هذا؟

About this publication