As Conditions Deteriorate in Iraq and Afghanistan France Throws America a Lifeline …

<--

الصفحة الأولى> رأي ودراسات

02:01 آخــر تحديــــث 2007-10-19

مسارات ساركوزي شرق الأوسطية …………………… د. حميد السعدون

د. حميد السعدون *

منذ الحضور الأمريكي الفاعل في منطقة الشرق الأوسط بعيد الحرب العالمية الثانية، ومسارات السياسة الخارجية الفرنسية في تقاطع مع هذا الحضور، وهذا ما حصل في عهدي الجمهوريتين الرابعة والخامسة. بل إن هذه المسارات، في الحقبة الديغولية التي استمرت حتى عهد الرئيس شيراك كانت متميزة، وعلى النقيض مما كانت ترتبه السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقه، ما أكسب الموقف الفرنسي ثناء جميع شعوب المنطقة وتقديرها، وأتاح له حضوراً فاعلاً ومؤثراً في سياسات دولها وتقديراتها.

إلا أن هذا التقليد الذي استمر طيلة الفترة السابقة، بدأت منهجيته تتغير منذ الأيام الأولى لرئاسة ساركوزي، وبما يجعله أقرب لأن يكون متطابقاً مع الموقف الأمريكي الخاص بشؤون المنطقة والحلول المقترحة لمشاكلها. بل إنه أصبح في بعض الأحيان البلدوزر الأمامي لها، ولعل مواقفه في ما يخص الشأن اللبناني والليبي والعراقي، تدل على هذه المتغيرات التي باتت لا تحتاج لعدسة مكبرة لتلمسها. إلا أن الأبرز في هذة المتغيرات، ما يمكن أن نسميه الخروج الفرنسي الواضح عن سياسة (الترويكا) الأوروبية الخاصة بالشأن الإيراني، وهي السياسة التي كانت تعتمد الخط الدبلوماسي الضاغط على طهران بما يجعل مواقفها الخاصة ببرامجها النووية متوافقة والمعايير التي يعتمدها المجتمع الدولي، الهادفة إلى تفكيك هذه البرامج وتجفيف منابع وجود أسلحة الدمار الشامل، خاصة أن التجربة مع ليبيا وكوريا الشمالية أثمرت نجاحاً واضحاً، من خلال الحوار والدبلوماسية الضاغطة مع حزمة من المساعدات المختلفة.

فمؤخراً دعا ساركوزي إلى ضرورة إيقاف التخصيب النووي الذي تقوم به إيران في منشآتها النووية، كشرط لبدء حوار سياسي معمق يحيط بكامل أوجه القضية، بما فيها رغبة إيران في الإطلالة على الجديد من هذه التقنيات المتقدمة، وبما يخلي المنطقة من هذه الأسلحة التي قد تدفع بقية الدول للدخول في سباق محموم ومفتوح لامتلاكها، مما يعرض المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية وفقاً للتصور الغربي لتهديدات وتأزمات مستمرة، ويشكل تهديداً للسلم الأهلي فيها، وحصول هذا معناه تهديد مصالح ونفوذ القوى الكبرى. كما إن تلويح ساركوزي باستعمال القوة ضد إيران بات واضحاً في حال استمرار تجاهلها للرغبة الدولية في هذا الشأن. ومثل هذا المتغير الاستراتيجي، يشكل انقلاباً على الأداء الدبلوماسي والسياسي الذي اضطلعت به الترويكا الأوروبية طيلة امتداد هذه الأزمة، ما يوحي بشكل ما، أن هذا التغير مرحب به من قبل الألمان أبرز شركاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي ينتظر أن تترتب عليه استحقاقات قادمة، قد تكون مفرداتها واضحة في ما يعد من قرار دولي من قبل مجلس الأمن الدولي يختص بمعالجة الشأن النووي الإيراني.

إن مسارات ساركوزي الجديدة، المتماهية مع عموم الموقف الأمريكي إزاء هذة القضية، دفعت كثيرين من المحللين وقادة الرأي في الولايات المتحدة، الى أن يؤكدوا أن فرنسا الحالية ستكون البديل الأكثر فاعلية من الشريك البريطاني المترهل، ومثل ذلك يكسب الأداء الأمريكي ديناميكية متفاعلة غير متوفرة عند شريكه السابق الذي بدأت التزاماته في ما يخص الشراكة مع الولايات المتحدة تضعف وتتوارى، خاصة بعد غياب بلير القسري، وتوجه خليفته براون للتقليل من خسائر الاستحقاقات المطلوب تقديمها من بريطانيا، وكان الأبرز في ذلك تقليل الوجود العسكري البريطاني في العراق. وعليه فإن حصول التماهي والانسجام بين باريس وواشنطن يشكل دفعة قوية للسياسة الأمريكية هي بأمسّ الحاجة إليها إزاء تردي أدائها في العراق وأفعانستان.

* كاتب وأكاديمي -عراقي

About this publication