Remembering America’s Past

<--

النبش في القبور

تعترف سيدة البيت الأبيض ميشيل أوباما بلا خجل بأنها من بنات العبيد‏,‏ وها هي الآن مع زوجها الأسود علي رأس الطبقة المالكة بالولايات المتحدة‏,‏ حلم لم يخطر علي بال أحد علي وجه الأرض إلي أن تحقق علي يدها‏..‏ لم تبد استياء حينما بدأوا ينبشون في جذورها‏..‏ فهكذا يفعلون مع من سيصبح رئيسا وزوجته‏,‏ وجاءت لهم حملة أوباما الانتخابية بالمعلومات المتاحة في حينها‏..‏ ثم ذهبت قناة سي‏.‏ إن‏.‏ إن الأمريكية أخيرا لتقصي الحقائق‏..‏ توجه فريقها إلي مزارع فرندفيلد خارج مدينة جورج تاون بولاية ساوث كارولينا‏,‏ مرورا بطريق ترابي مازال يحمل اسم شارع العبيد‏,‏ ليذكر بذلك العصر المظلم‏..‏ فهناك عاش في القرن الـ‏19‏ جيم روبنسون‏..‏ عبد ذليل يعمل بالسخرة في مزارع الأرز الموبوءة بالناموس والحشرات والثعابين‏,‏ من مطلع الشمس حتي غروبها‏,‏ في جو شديد الحرارة والرطوبة أو شديد البرودة والعواصف الممطرة‏..‏ كان يعيش مع أسرة أخري في كوخ خشبي أصغر من أي مظلة يحتمي بها حارس أمن بالبيت الأبيض‏..‏ وهكذا عاش مثله‏350‏ عبدا بنفس المزرعة‏,‏ يتعرضون لأمراض الملاريا والحمي الصفراء وغيرها‏..‏

لم يكن لهم سجلات ولم يتم إحصاؤهم كبشر في حياتهم أو مماتهم‏..‏ كانوا مجرد ممتلكات‏..‏ لكن جد جد ميشيل مات بعد تحرير العبيد‏,‏ تاركا بعض السجلات‏..‏ لكنه لم يذكر من أية دولة إفريقية جاء والداه أو كيف جاءا‏..‏ أحد أبنائه‏,‏ وهو جد والدها‏,‏ كان بائعا للجرائد‏,‏ يحرص علي أن يقرأها أبناؤه قبل بيعها‏..‏ كان ذكيا ويهوي الشعر‏..‏ ومن هنا جاء الاهتمام بالتعليم إلي أن أصبحت ميشيل أستاذة جامعية‏.‏

قالت ميشيل إنها علي علم بتاريخ عائلتها وبتاريخ العبودية في أمريكا‏..‏ فعليك ـ كما تقول ـ أن تفهم وتعترف بماضي عائلتك‏,‏ ثم تمضي قدما‏..‏ فهذه القصص يجب أن تدفن لأنها مؤلمة ونتمني نسيانها‏..‏ كل همها الآن أن تعمل بجد وإخلاص متواصل من اجل مساندة السود‏..‏ وتسعد بدعوتهم للبيت الأبيض علي الغداء والاستمتاع بعظمة المكان‏..‏ تريد تعويضهم عن ماض أسود وتهميش وعقدة نقص مازالت كامنة في النفوس‏..‏ ولولا أنها لم تنس ماضيها لما اهتمت‏,‏ زوجها يفعل نفس الشيء‏..‏ يكافئ من يستحق منهم بمناصب عليا ربما لأول مرة وفي خطاب قوي مؤثر للسود حثهم علي الاجتهاد في التعليم في سبيل تحقيق مكانة افضل‏..‏ فمصيرهم في ايديهم‏,‏ والفقر ليس مبررا للفشل كما قال لهم وها هو نموذج امامهم‏.‏

أليست هذه فرصة قد لا تتكرر للسود الأمريكيين؟ فهنيئا لهم عليها‏,‏ لكن الخوف أن يستفز ذلك اليمين المتطرف لدرجة الجنون‏.‏

About this publication