American Exploitation

<--

يحار المرء في كيفية التعامل مع افتراءات الساسة الأميركيين على فلسطين وشعبها وتاريخها في الوقت الذي يتبارى فيه المرشحون للبيت الأبيض والكونغرس في ابداء التفاني وتقديم فروض الولاء للدولة الصهيونية. وحدها اسرائيل تعامل كقضية داخلية من قبل المرشحين ما يدل على ان مشكلة العرب والفلسطينيين الرئيسية هي ليست مع دولة معتدية ومحتلة وحسب وانما مع حكومة الولايات المتحدة وبرلمانها المتحيز ابدا.

آخر عجائب الانتخابات الاميركية ما صرح به احد المرشحين عن الحزب الجمهوري نوت غينغرتش عن الشعب الفلسطيني واصفا اياه بانه شعب مخترع أو ملفق، وهو ما لم يجرؤ زعيم اسرائيلي على قوله منذ غولدا مائير في نهاية ستينيات القرن الماضي. كلام غينغرتش، الذي يتصدر منافسيه على ترشيح حزبه حتى الآن، لم يرق للصحافة الاميركية، حتى تلك المنحازة لاسرائيل، حيث وصفت الواشنطن بوست كلامه بانه غير مسؤول ويعقد عملية السلام المجمدة اصلا. وحتى مت رومني وهو ثاني اقوى المرشحين الجمهوريين انتقد كلام غينغرتش الذي يتعارض وسياسة اميركا الخارجية وموقف الحزبين الرئيسيين من قضية الشرق الأوسط منذ عقود.

المشكلة الكبرى ان التفاني في ابداء الولاء لاسرائيل رغبة في الحصول على الصوت اليهودي، خاصة في ولايتي نيويورك وفلوريدا، لا يعرف حدودا ويتجاوز في معظم الاحيان مواقف اليهود انفسهم. الصوت العربي الاميركي ضائع في اميركا ولم ينجح العرب حتى الآن في خلق لوبي قوي يقترب ولو قليلا من سطوة اللوبي الصهيوني.

وطالما ان اميركا تظل القوة العظمى والقوة الاهم في الشرق الأوسط فان مفاتيح السياسة الاميركية تبقى رهن سياسيين متصهينين مستعدين للاطاحة بمصالح اميركا الكبرى لغرض ارضاء الاقلية اليهودية المتنفذة في اجهزة صنع القرار في واشنطن. هذه اللعبة لم يفهمها العرب الذين تفوق مصالحهم مع اميركا عشرات المرات مصالح اسرائيل التي هي عبء على دافع الضرائب الاميركي. بالطبع هناك دوافع دينية وايدولوجية وراء دعم اسرائيل بسخاء والتسابق على ارضاء مراكز القوى التي تمثلها في العاصمة الاميركية.

السيد غينغرتش الذي يصف نفسه كدارس للتاريخ وكشخص ملم بالاخطار المحدقة باميركا ليس غريبا عن الرأي العام والصحافة. فعندما كان رئيسا لمجلس النواب في تسعينيات القرن الماضي حاول ان يروج لنهج اسماه بالعقد الجديد مع اميركا، لكن افكاره المتصلبة وتحديه المستمر للرئيس كلينتون ساهما في اخفاقه وخسارته المريرة. اختفى الرجل عن الساحة السياسية وطاردته فضائح خيانة زوجية وتلقيه للملايين مقابل تقديم المشورة لمؤسسات شبه حكومية بشكل مثير للشكوك.

هو الآن في الطليعة لأن الحزب الجمهوري عاجز عن فرز مرشح قوي يتصدى لباراك اوباما في انتخابات الرئاسة القادمة. وهناك اسئلة حول قدرة غينغرتش المعروف بعصبيته وتهوره في اطلاق الاحكام على الاستمرار في السباق او قدرته على هزيمة الرئيس.

لسنا معنيين بنجاح او فشل غينغرتش بقدر ما يهمنا ان يقول العرب شيئا يفند موقف الرجل ويثير عاصفة سياسية داخل اميركا نفسها. لطالما استهان المرشحون بالعرب ومواقفهم ومصالح اميركا الكبرى في المنطقة. نحتاج الى موقف عربي موحد يدين تصريحات غينغرتش ويطلع الرأي العام الاميركي على خطورتها. نحن لسنا في صراع مع اسرائيل وحسب وانما مع ساسة اميركا المتصهينين الذين يستهينون بنا وبتاريخنا.

About this publication