America and Its Methods, Pushing Backward

<--

أميركا وأدواتها.. و«الخطف خلفاً»

الافتتاحيــة

الأحد 20-10-2013

بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

رغم الأجواء التي تشي بأن الخطوة الأولى في الطريق إلى جنيف قد بدأت افتراضياً، فإن ما يطفو على السطح من تعرجات يؤشر إلى أن المطبات المستجدة أو تلك التي يتعمد الكثيرون زرعها،

ربما أضافت عقبات أكثر من تلك القائمة بالأساس، ما يضع مصير المؤتمر الدولي أمام اختبار إرادات مبكر، لا يزال من الصعب الحسم في اتجاهاته، وخصوصاً حين تملي المقارنة شروطها وتضع محددات إضافية يصعب تجاهلها أو تجاوزها.‏

فعندما كان الحديث يدور عن عدم نضوج الأميركي للحل السياسي، لم يكن الأمر مقتصراً على ما تواجهه الإدارة الأميركية من متاعب ذاتية تزيد من ضبابية الرؤية أمامها، وإنما من أخطاء في تقدير حجوم الأشخاص وأدوار الدول المعتمدة في لائحة التوكيلات الأميركية، وإن أدركت ذلك متأخرة، وربما في بعض جوانبه بعد فوات الأوان، حيث لا ينفع حينها الإدراك ولا الاستدراك.‏

أميركا مصرة على عدم التعلّم من تجاربها في التعويل على أدوات مفلسة، أو هي غير قادرة على الاستفادة منها، وتقع في الحفرة ذاتها حين تعتقد أو تتوهم أن بمقدورها إعادة تعويم الكثير من الأوراق التي احترقت قبل أن تستخدمها، أو من خلال المماطلة وإعادة توظيف الوقت وإضاعته لمصلحة الرهان على متغير يمكن أن ينقذ ما يمكن إنقاذه من أدواتها، سواء كانوا أشخاصاً أم قوى وتنظيمات أو حتى دول.‏

فالمعضلة التي حالت دون انعقاد المؤتمر لا تزال قائمة، ولكن بقوة أكبر مما كانت عليه، حيث الرصيد الذي كان يلوّح به الأميركي قد تآكل، وحالة الغموض التي كان يلوذ بها للمحاججة قد انتهت، واليوم يجد نفسه أمام المأزق الذي حاول أن يهرب منه على مدى الأشهر الماضية، حيث الخيارات أمامه تنحصر في اتجاهين اثنين، الأول الضغط على مرتزقته من المعارضين للحضور عراة حتى من ورقة التوت، أو المماطلة في الوقت بانتظار المتغير الذي لن يأتي أبداً.‏

المتداول سياسيا أن أميركا لم تعد تجد حرجاً في الكشف عن ضحالة ما تمثله المعارضة التي تبنتها كأشخاص كما هي كتنظيمات، وباتت على قناعة أكثر من أي وقت مضى بأن الصنيعة القطرية والتركية نماذج واهية لتشكيلات متداعية لا يمكن لها أن تضيف أي وزن على طاولة المفاوضات، وهي في المحصلة النهائية قد استنفدت جميع أغراضها، ولم يعد هناك مجال لاستخدامها أو توظيفها، وربما باتت ورقة ضعف واضحة، ولن تتردد الإدارة الأميركية في شطبها من دائرة حساباتها والبدائل السعودية ليست أفضل حالاً!!‏

لكن المعضلة التي تواجهها تظل في البدائل التي يمكن التعويل عليها كي تمتلك أميركا حق الاعتراض على طاولة المؤتمر الدولي، حيث لا تجد أن من الحكمة أن تغير خيولها في غمار المعركة القائمة وفي أوج اشتعالها سياسياً، ناهيك عن يقينها بأن من أعطتهم حصرية الوكالة لم يكونوا أكثر من أدوات وضيعة، بينما تدرك بالحس الفعلي أن الرهان مجدداً على أدوات خاسرة ستكون تداعياته أكثر خطورة على صورة الأميركي ووزنه السياسي في ميزان التفاضل الدولي، الذي يتحضر لأول جولة يمكن لها أن تقيس بالفعل الوزن السياسي للولايات المتحدة الأميركية بعد ثلاث سنوات تقريباً من المجابهة المفتوحة على المسرح الدولي.‏

الواقع العملي يملي مفارقة صعبة وربما مستحيلة، تجعل الخلاصات الأولية تنحو باتجاه اليقين الذي يتعزز اليوم على قاعدة، أن الإدارة الأميركية التي راهنت على أدوات لم ترتق طوال الوقت إلى أكثر من توابع، ليس بمقدورها أن تعيد ترتيب حضورهم داخل حقيبة الحسابات ذاتها، رغم محاولة الكثير منهم أن يكيفوا انفسهم مع الأجواء السائدة أو في الحد الأدنى تحوير دورهم وموقعهم، بما يؤجل مرحلياً إعلان القطيعة النهائية مع ماضيهم، وبالتالي كل ماتحمله المؤشرات الافتراضية على الخطوات الأميركية يؤكد أنها تخطو إلى الخلف بدل التقدم إلى الأمام، وإذا كانت وجهتها المؤتمر الدولي، فقد استبقته بالخطف خلفاً وكل يوم يمر يبدو أبعد من سابقه!!‏

About this publication