Obama’s Strategy

<--

الرئيس الأمريكي باراك أوباما تائه بين مطالب الجمهوريين وامتعاض الديمقراطيين، وغير قادر على التوفيق بين هذه وذاك، في ظل عجزه عن أن يبدو على درجة كافية من الإقناع والجدية في نظر الكثيرين من صناع القرار الأمريكيين على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم السياسية .

ورغم أن لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي وافقت على طلب وزير الخارجية جون كيري تمديد التفويض لمواجهة تنظيم “داعش” الإرهابي في العراق وسوريا، إلا أن ذلك لا يعني رضا اللجنة أو المشرّعين الأمريكيين عن سياسة إدارتهم وطريقة مواجهتهم للتحدي التي باتت أقرب إلى إدارة الصراع بدل أن تكون محاولة لوضع حد له .

لا يوجد عنصر استراتيجي في طلب تمديد التفويض، وفي إقرار تمديد مدته 3 سنوات لمواجهة “داعش”، بقدر ما يشي الأمر بحالة من انعدام اليقين أو الرؤية، ولو احتسبنا المدة المتبقية لأوباما في سدة الرئاسة الأمريكية، لوجدنا أن التفويض الممدد يتجاوزها، ما يعني أن الإدارة الحالية موقنة من أمر واحد، هو عجزها عن إنهاء الأمر، من جهة، وتحويله إلى شأن تأخذه الإدارة المقبلة على عاتقها، ما يعني ترحيل الأزمة، وما يؤشر أيضاً إلى احتمال امتدادها لأعوام وأعوام .

ليس في هذه استراتيجية ولا حتى تكتيك، ولعل التخبط الذي تعانيه إدارة أوباما، لا يتعدى كونه انعكاساً فعلياً لتململ الناخب الأمريكي الذي أطاح حزبها الديمقراطي وحرمه من أغلبيته في الكونغرس، وصوت لخصمه الجمهوري، في ظل توجه الأخير الصريح وغير القابل للتأويل إلى حسم عسكري ضد التنظيم، حتى لو تطلب ذلك انخراطاً أمريكياً على الأرض، في العراق على وجه الخصوص .

لا يستطيع أحد أن يعرف ما ترمي إليه إدارة أوباما، وما تحاول تحقيقه من خلال سياساتها، ولعله من الصعب أيضاً توقع ما ستسفر عنه تطورات هذا التهديد الآخذ في التعاظم، رغم وجود مؤشرات ومعطيات إلى حالة مرواحة وتبادل لمناطق النفوذ، في ظل أنباء تتضارب أحياناً، حول تقهقر التنظيم المتطرف في مناطق، وتقدمه في أخرى، والحرب الضروس التي تتصاعد حدتها على أكثر من جبهة .

لكن على الطرف الآخر، والمعني هنا المعسكر الجمهوري في الولايات المتحدة، يبدو وضوح الرؤية والتوجهات إنذاراً بعزم على الحرب والغزو مجدداً، وليس واضحاً ما إذا كان الجمهوريون يدركون حجم الخسائر التي ستلحق بهم إذا ما أقدموا يوماً على مثل هذا الانخراط المباشر والميداني في صراعات المنطقة، أو إذا كانوا تعلموا شيئاً أو لم يفعلوا من درس غزو العراق، وليس واضحاً أيضاً هدفهم من خلال هذا التصعيد، وما إذا كانوا سيقدمون عليه مستقبلاً إن أفرزت انتخابات الرئاسة المقبلة إدارة جمهورية، أو أنهم يلعبون لعبة تسجيل النقاط ضد خصومهم الديمقراطيين وحسب، وليس أدل على ذلك من رفض جميع الأعضاء الجمهوريين في اللجنة المعنية مشروع الرئيس الأمريكي .

على أي حال، فإن أوباما الذي يواجه الآن معارضة كبيرة على صعيد داخلي، سيصطدم بالأغلبية الجمهورية التي ستكون تسلمت زمام التشريع عندما يحال المشروع إلى الكونغرس بتركيبته الجديدة، وعندها ستتكشف حقيقة هذه المواجهة، ويكشف الجمهوريون أوراقهم، وعندها قد نشهد تغييراً في التوجهات، وإن كان على الأغلب مجرد

About this publication