The Hatred that Fosters Conflict and Destroys Life

<--

الكراهية المدمرة للصراع.. والحياة

قيل تعليقاً على أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، إن “القاعدة” لو كانت مرتبطة بدولة معادية للولايات المتحدة، فإنها لن تقدم على هكذا عملية؛ إذ لم تنفذ الجماعات المرتبطة

بالاتحاد السوفيتي في أيام الحرب الباردة مثل هذه العمليات، رغم أن فرصتها في ذلك كانت أقوى من “القاعدة”. فقد كانت تملك التدريب والإمداد والقدرة، لكن مصالح الدول حتى في حالة العداء تجعل للصراع قواعد وحدوداً لا تسمح بما يمكن أن تفعله جماعة معزولة، ليس لديها ما تخسره.

وقيل أيضاً تعليقاً على عملية همام البلوي الذي فجر نفسه في اجتماع استخباري في خوست بأفغانستان في العام 2009، إنه كان مغامراً فردياً ولم يكن ينتمي إلى حركة “طالبان”، ولو كان منتمياً بالفعل لها لاختارت أن يبقى مزروعاً لصالحها في الأجهزة الاستخبارية، ولكنه عمل بمفرده وبدافع ذاتي، فتصرف بدافع الانتقام الفردي وليس في سياق الصراع بين “طالبان” والولايات المتحدة.

كثير من العمليات الإرهابية لا يبدو مرتبطاً بجماعات إرهابية مصنفة ومعروفة، ولكنه ينتمي إلى نوع مختلف من العمليات، أو جيل جديد منها مرتبط بأفراد أو مجموعات صغيرة محدودة وغير معروفة من قبل، وبحيث يمكن وصفها بأنها “جرائم متوقعة ومنفذون غير متوقعين” في هذا الانتقال السريع للصراع والإرهاب من الدول إلى الجماعات إلى الأفراد.

هنا يمكن تقدير حجم ومستوى الارتباك والحيرة في مواجهة العنف والتطرف. فالجيوش والأجهزة والمؤسسات الأمنية خضعت لإعادة صياغة وتنظيم لمواجهة عدو جديد ومختلف عما درجت عليه الحروب والصراعات؛ لتواجه جماعات مختلفة في أسلوبها واستراتيجياتها عن الدول. وما كادت الدول تقر بأن الجماعات مختلفة عنها، ولم تعد تربط بين العنف والدول أو تتهم الجماعات بالعمالة لدولة ما، حتى وجدت نفسها في مواجهة نوع جديد من العنف الشبحي! الصراع مع مجاهيل وإرهابيين غير مرئيين.

درجت العادة على التعامل مع هذا النوع من الجرائم بردّه إلى الجماعات الإرهابية المعروفة، والبحث عن أدلة ومعلومات ولو معتسفة لإثبات ذلك، أو التقليل من شأنها بالقول إنها عمليات فردية معزولة. ولكنه ليس أمراً يدعو إلى الاطمئان أن تكون تلك الجرائم فردية، أو أن لا تنتمي إلى مخططات إرهابية منظمة، وإن كان أيضاً ليس مطمئناً أن تنسب زوراً إلى جماعات إرهابية منظمة.

والحال أنها جرائم مستمدة من الكراهية والتطرف الفردي، وينفذها أصحابها مدفوعين بمخزون الكراهية المتراكم، وبما تمدهم به شبكات الإنترنت والتواصل من معلومات وخبرات. وتظل جرائم، لا يغير من كونها كذلك ألا تكون نفذتها أو خططت لها دول أو جماعات وتنظيمات مسلحة، لأننا في جميع الأحوال أمام فقدان حياة أناس أبرياء، وأزمة عميقة في الثقافة والعلاقات والتخطيط، وفي الحياة وتنظيم وإدارة الموارد والخدمات والأولويات.

ليس المطلوب بالطبع إلغاء التفاسير السائدة، ولكننا بحاجة إلى اختيار إضافي يفتش عن الأزمة الاجتماعية والثقافية العميقة التي تدفع إلى العنف بكل أشكاله، وإدراج جرائم التطرف السياسي -لأغراض الدراسة على الأقل- ضمن الأمراض والعيوب والمشكلات والأزمات الاجتماعية والمجتمعية.

About this publication