Politics and Business

<--

مازالت الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية في بدايتها، حيث يعلن المتنافسون بشكل أساسي، من الحزبين الكبيرين الجمهوري والديمقراطي، عن نواياهم للفوز بترشيح الحزب لخوض السباق إلى البيت الأبيض.

تقدم 16 مرشحاً من الحزب الجمهوري إلى المنافسة للفوز بترشيح الحزب. أغلبية هؤلاء المرشحين أعضاء في مجلس الشيوخ وحكام ولايات وأثرياء، أو يحظون بدعم أثرياء من أقطاب الحزب ومموليه، خاصة بعد أن رفعت المحكمة العليا في 2010 القيود عن دعم وتبرعات الشركات للمرشحين.

عادة، يفضل كبار الممولين أن يعملوا من وراء الكواليس، وأن يدعموا المرشح الذي يعبّر عنهم ويلتزم برعاية مصالحهم وأرباحهم، عندما يدخل إلى البيت الأبيض، ما يجعل التمويل استثماراً له مردوده في نهاية الأمر.

اللافت في المرشحين الجمهوريين ال16، الملياردير دونالد ترومب، الذي كان من أوائل الذين فتحوا بورصة الترشيحات، وهاجم في خطابه الافتتاحي لإعلان ترشحه كل شيء في الحياة الأمريكية من السياسيين إلى البيت الأبيض والسياسة الداخلية، وحلفاء وشركاء الولايات المتحدة من الصين واليابان إلى المكسيك… وكان كل شخص سواه في مرمى هجومه.

يطرح ترومب نفسه مرشحاً للرئاسة الأمريكية باعتباره رجل أعمال ناجحاً يملك القدرة على إدارة الولايات المتحدة، واسترداد عظمتها وسيادتها على العالم بلا منازع سياسي أو عسكري أو تجاري. عند الحديث عن نفسه يركز الملياردير على ثروته الشخصية وأملاكه وعقاراته وأعماله الناجحة. وعندما يقول إنه ثري فعلاً، وإنه فخور بثروته، وإنه فعل المعجزات، فهو يقدم نفسه كسياسي بعقلية رجل الأعمال القادر على اجتراح المستحيلات. لكن النجاح في دنيا المال هل يكفي مؤهلاً لتحقيق نجاح مماثل في عالم السياسية؟

رغم أن ترومب الذي تزيد ثروته على 4 مليارات دولار، ويحتل المرتبة ال 405 في قائمة المليارديرات في العالم للعام 2015، والمرتبة ال 133 في الولايات المتحدة، يتصدر المرشحين الجمهوريين في استطلاعات الرأي، إلّا أن ذلك لا يمثل ضمانة لنجاحه في الوصول إلى البيت الأبيض في نهاية السباق، لاسيما أنه مازال في بدايته.

الملياردير الذي كوَّن ثروته من العقارات والتلفزيون، يملك القدرة المالية والإعلامية لتقديم نفسه، وليس في حاجة إلى دعم من التيارات والقوى الداخلية، والمصالح التي تمثل الحزب الجمهوري، وهذا النوع من المرشحين ليس مقبولاً داخل الحزب نفسه، الذي يفضل مرشحاً يقبل بالأخذ والرد والمساومة.

ترومب النرجسي متضخم الأنا، العدائي، حاد اللسان، هو آخر من يناسب الجمهوريين، لأن ضرره على الحزب نفسه بأقواله وأفعاله سيكون مضاعفاً، ما يعني أن إخراجه من المنافسة التمهيدية سيكون حتمياً.

أن تملك المال وتلفزيونات ومهاجمة الآخرين، لا يعني أن الآخرين سيسكتون، فالذي بيته من زجاج عليه أن ينتظر حجارة الآخرين.

الانتخابات الأمريكية ليست سياسة محضة، ففي جانب منها لا تخلو من تسلية وترفيه تحبه التلفزيونات. وأمثال ترومب يمثلون موضوعاً مسلياً، مثل برامج الواقع التي تدمنها الولايات المتحدة، وهو نفسه جزء من هذه البرامج.

ترومب ظاهرة، لكن لا أحد يأخذه بجدية، فهو في نظر الجميع «مهرج» و«بهلوان» و«بغيض» ويلعب بالمال، ويسوّق نفسه كما يشاء، لكنه في نهاية الأمر لن يستطيع شراء عقول وقلوب وأصوات الناخبين. فالسياسة غير البزنس، والواقع غير تلفزيون الواقع.

About this publication