Did Iran Withdraw from the ‘Axis of Evil’?

<--

هل خرجت إيران من “محور الشر”؟

يمكن اعتبار الاتفاق النووي بين دول “5+1” وإيران، نجاحاً مبهراً للسياسة والدبلوماسية الأميركية بشكل عام، ولإدارة أوباما بشكل خاص. فالجهد والوقت والإصرار الأميركي والأوروبي على إنجاز اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، تدل على أن الولايات المتحدة دولة براغماتية، تحرك سياستها الخارجية مصالحها الاستراتيجية.

بعد أكثر من 12 عاماً من الأخذ والرد حول البرنامج النووي الإيراني، تم إنجاز اتفاق يضع حداً، من وجهة نظر أميركا، للطموح الإيراني بامتلاك قنبلة نووية. ولا نستطيع الحكم بشكل مطلق أن الاتفاق إيجابي أو سلبي، لأنه يشمل البعدين. لكن من المؤكد أن الاتفاق يؤذن ببدء مرحلة جديدة من العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، لا بل دول الشرق الأوسط قاطبة.

لم يكن أمام المجتمع الدولي والولايات المتحدة خيارات كثيرة في التعامل مع التهديد النووي الإيراني. فالعقوبات المفروضة على إيران لا يمكن أن تستمر للأبد، ليس لأنها لم تؤثر في إيران، بل لأنه لم يكن متوقعاً أن تمنعها من المضي قدماً في برنامجها النووي. فضلاً عن آثارها السلبية على الشعب الإيراني. والخيار العسكري، من وجهة النظر الأميركية، لم يكن خياراً واقعياً في أي لحظة من اللحظات، لأنه أولاً يتعارض مع موقف وسياسة أوباما المبنية على عدم اللجوء لاستخدام القوة في فض النزاعات. وثانياً، لأن نتائج الخيار العسكري غير مضمونة، إضافة الى نتائجه الكارثية المحتملة على المنطقة وعلى الإيرانيين أنفسهم وعلى المصالح الأميركية. وكان من المستحيل أن يتم بقرار من مجلس الأمن.

العقوبات الاقتصادية على إيران لم تمنعها من تطوير برنامجها النووي، لكنها أصبحت دولة شبه معزولة. وقد رضخت إيران لرغبة المجتمع الدولي، ووضعت برنامجها تحت المراقبة الدولية الصارمة من أجل رفع العقوبات الاقتصادية، وإقامة علاقات طبيعية مع المجتمع الدولي، وبخاصة الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وغيرها.

المعارضة الشرسة من نتنياهو لهذا الاتفاق ليس لأنه اتفاق سيئ كما يدعي، لا بل على العكس تماماً، فهو من الناحية التقنية البحتة اتفاق محكم ويكبح جماح ايران لتطوير برنامجها النووي، ويجعلها تحت مظلة القانون الدولي وتحت مراقبة وكالة الطاقة الذرية. إسرائيل تعارض الاتفاق لأنها تريد احتكار علاقة الشراكة مع الغرب، ولا تريد منافسة في هذا المجال، كما تريد ابتزاز المجتمع الدولي، وبخاصة الغرب، ليس فقط بالحصول على مساعدات مالية وعسكرية بحجة تمتين أمنها، بل أهم من ذلك محاولة الحصول على ثمن سياسي من خلال إنهاء الصراع العربي-الاسرائيلي حسب الشروط الإسرائيلية.

أما التحفظ العربي على الاتفاق والقلق من نتائجه، فقد يكون مبرراً أو مشروعاً في بعض جوانبه، وبخاصة فيما يتعلق بالمطامع الإيرانية في المنطقة، من خلال دعمها العسكري والسياسي لبعض الأنظمة والحركات، والخوف من عقد صفقة سياسية مع إيران على حساب الدول العربية. وهذه التخوفات تتطلب إعادة التفكير في استراتيجية هذه الدول، ليس فقط بنظرتها لإيران، بل لمشاكل الاقليم وأمورها الداخلية أيضاً، وبخاصة فيما يتعلق بطبيعة الدولة التي تريد في المستقبل.

الاتفاق النووي مع إيران يطوي صفحة طويلة من تاريخ المنطقة، ويطوي نزاعاً على برنامج إيران امتد لأكثر من اثني عشر عاماً. وهو يؤذن ببدء فصل جديد في منطقة الشرق الأوسط، يخطئ من يظن أنه مكتوب وجاهز، بل ستتم كتابته من قبل اللاعبين الدوليين والإقليميين. لكن الأكيد أن المنطقة بعد الاتفاق لن تكون كما قبله، وأن العالم لن يقبل بأن تكون إيران كما كانت، فهي قد تخرجت من محور الشر ولعل ذلك يساعد في التوصل الى حلول لمشكلات المنطقة المستعصية.

About this publication