Will Obama and Kerry’s Military Combat the Islamic State?

<--

يبدو أن الولايات المتحدة في عجلة من أمرها لاستلام زمام المبادرة في الميدانين السوري والعراقي ومحاولة تعديل كفتهما لصالح معسكرها الذي تقوده لا للهيمنة فحسب على سوريا والعراق وما تتضمنه هذه الهيمنة من مخططات ومشاريع معدة سلفًا لهذين القطرين العربيين، وإنما لإفشال أي جهد آخر يسعى إلى محاربة الإرهاب فيهما على النحو الذي تقوده كل من بغداد ممثلة في القوات العراقية والحشد الشعبي، ودمشق ممثلة في الجيش العربي السوري وبدعم حلفاء سوريا المخلصين.

فالتصريحات والدعوات الصادرة عن كل من الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري حول الشأنين السوري والعراقي تثير علامات استفهام كثيرة خاصة وأنها تأتي في ظل متغيرات كثيرة بدأت تشهدها الساحتان السورية والعراقية لصالح الدولتين السورية والعراقية، والفضل في ذلك يعود إلى الجهد الذي يقوم به الجيش العربي السوري والدعم الصادق والبناء من قبل حلفاء سوريا المخلصين، وإلى الجهد الذي تقوم به القوات العراقية والحشد الشعبي والتكتيكات العسكرية التي يقدمها المستشارون العسكريون الإيرانيون. فقد صرح الرئيس أوباما بأن بلاده ستزيد عدد القوات الأميركية الخاصة في كل من العراق وسوريا وأنها “لن تكون على غرار غزو العراق (في عام 2003) بإرسال كتائب تتحرك عبر الصحراء، لكني أبدي وضوحًا شديدًا في أننا سنضيق الخناق دومًا على “داعش” وسندمرها في النهاية، وهذا يتطلب منا توفير مكون عسكري لفعل ذلك”. أما كيري فدعا إلى تشكيل قوات برية “عربية وسورية” وليست “غربية” لمحاربة تنظيم “داعش”.

وبالنظر إلى مجمل المواقف والتحركات الأميركية ـ في تقديري ـ فإنها لا تخرج عن الأهداف والمشاريع التي بنت عليها الولايات المتحدة “استراتيجيتها” وتحالفها الستيني في كل من سوريا والعراق، وإفشال أي استراتيجية أو جهود حربية أو سياسية قد تسبب في إفشال تلك الأهداف والمشاريع.

ولذلك، فإن الحديث عن إعادة نشر القوات الأميركية وتشكيل قوات رديفة لها “عربية وسورية” في العراق وسوريا، ودعوة واشنطن لدول أوروبية كهولندا للمشاركة في العمليات العسكرية، هو محاولة لتقوية تحالفها وإعطائه فعالية أكبر تفوق إن لم تكن موازية لفعالية التحالف السوري ـ الروسي ـ الإيراني، بحيث تؤدي هذه الفعالية إلى إفشال الاستراتيجية الروسية في سوريا التي كشفت خبايا الاستراتيجية الأميركية وتحالفها الستيني، والانكشافات والفضائح الأخيرة التي بدت تطفو على السطح للقوى المكونة للمعسكر الأميركي المعادي لسوريا، ليس سرقة النفط السوري والعراقي سوى حلقة صغيرة في سلسلة طويلة من الفضائح والخبايا الخطيرة المعدة لسوريا والعراق. وبحيث أيضًا تؤدي فعالية التحالف الأميركي إلى ضمان عدم خروج العراق من ربقة الهيمنة الأميركية. فالعقل السوي والمنطق السليم لا يقبلان ولا يستوعبان أن الولايات المتحدة بجلال قدرها وما معها من تحالف به ستون دولة ذات مخزون عسكري وبشري هائل، وجيوش “عربية وسورية” قوامها حوالي تسعين ألف في التقدير الأميركي أن تحارب تنظيمًا تعداده ـ وفق الاستخبارات الأميركية وهي الأدرى به طبعًا ـ يتراوح بين عشرين إلى ثلاثين ألف عنصر، ومن المؤكد بعد النجاح اللافت لكل من الجيش العربي السوري والقوات العراقية وقوات الحشد الشعبي قد تراجعت هذه الأعداد بصورة كبيرة.

ونصف الاستدارة التي أداها جون كيري في مؤتمره الصحفي بالعاصمة اليونانية أثينا يوم الجمعة (الـ4 من ديسمبر 2015) حين قال: إنه يمكن قيام تعاون بين “النظام” السوري و”قوات المعارضة” ضد “داعش” دون مغادرة الأسد للسلطة”، ثم دخول السمسار الفرنسي “لوران فابيوس” وزير الخارجية على الخط بمحاولة إكمال النصف الآخر للاستدارة .. في تصوري لا يخرج ذلك عن السياق الأميركي ذاته ومن هم تحت عباءته الساعي إلى فكفكة الموانع، والبحث عن حلول لاستعصاءات الميدان وتحدياته المتراكمة لجهة تليين موقف القيادة الروسية من ناحية، ومحاولة ممارسة ضغوط لما يسمى بـ”المعارضة المعتدلة” للتحرك سريعًا لتوحيد صفوفها في المؤتمر الذي ستستضيفه الرياض، بدليل أن كيري استدرك سريعًا الجملة السابقة لنصف استدارته بتدوير أسطوانته المشروخة بقوله “سيكون من الصعب جدًّا تأمين هذا التعاون دون وجود بعض الدلائل على أن هناك حلًّا في الأفق بشأن مستقبل الأسد”. أي أن قول كيري ليس سوى رطانة سياسية أراد أن يمتص بها غضب الدب الروسي، كما أنه رسالة قولية شكلية أراد أن يبعث بها إلى معارضة بلاده “المعتدلة” مفادها أنه إذا لم تتحدوا ليس أمامنا من خيار سوى القبول بالرئيس السوري بشار الأسد في السلطة.

ويبدو أن كلًّا من القيادتين السورية والعراقية ومن ورائهما الحلفاء والأصدقاء المخلصون يدركون مغزى ما تريد أن تذهب إليه الولايات المتحدة من إعادة نشر قوات أميركية ورديفة تحت ستار محاربة تنظيم “داعش”، وأساليب الاستدارة والمداورة السياسية حول وضع الرئيس السوري. والرد العراقي الذي جاء على لسان حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي وقال فيه “تؤكد الحكومة العراقية موقفها الحازم ورفضها القاطع لأي عمل من هذا النوع يصدر من أية دولة، وينتهك سيادتنا الوطنية، وسنعد إرسال أية دولة لقوات برية قتالية عملًا معاديًا ونتعامل معه على هذا الأساس”، ما هو إلا بداية الردود السياسية والميدانية؛ لأن من شأن الخطوة الأميركية ـ إذا كانت واشنطن عازمة فعلًا على ذلك ـ تعميق الشرخ العربي والجراح العربية والفتن الطائفية. بمعنى آخر إبادة العرب بالعرب. فالحلول السياسية في المنطقة تبدأ من التخلي عن دعم الإرهاب وغلق الحدود، والتخلي عن نزعة إسقاط حكومات دولها.

About this publication