Those Once Clothed by America Are Now Naked

<--

بداية فإن عنوان المقال مأخوذ من أحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر الأسبق من مقابلة له مع تلفزيون روسيا اليوم وهو بدوره نقل ذلك عن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، واستخدمه عام 2005 على إثر بداية تغير الموقف الأميركي من مصر وسوريا وليبيا بعد أن تم لها بمشاركة العديد من الدول العربية من تدمير العراق وتقسيمه وإعادته إلى ما قبل العصور الوسطى والبدء بتنفيذ خطة كوندليزا رايس “الفوضى الخلاقة”، في الشرق الأوسط العربي. وينقل أبوالغيط بعد اجتماعه بستيفن هادلي مستشار الرئيس جورج بوش الابن لشؤون الأمن القومي، انه قدم تقريرا للرئيس المخلوع حول ما دار بينهما وخاصة مطالبة هادلي من أبوالغيط بأن تساعد مصر الولايات المتحدة حروبها وعملياتها(العدوانية)في كل من العراق وأفغانستان وأن تطلب من سوريا بوقف مساعداتها لحركة المقاومة العراقية وتغيير مواقفها من المقاومة الفلسطينية واللبنانية هكذا بالنص.

ووفقا لما قاله أبو الغيط في المقابلة ،فإن الرئيس المخلوع رفض كليا فكرة إرسال وحدات من الجيش المصري إلى العراق وأفغانستان للمشاركة في إخماد المقاومة فيهما ومقاتلة العرب والمسلمين ،إلا أن مبارك وطبقا لأبي الغيط وعد بالحديث مع بشار الأسد في محاولة لتغيير الموقف السوري من المقاومتين اللبنانية والفلسطينية وتليين مواقفه من إسرائيل لكن الرئيس السوري لم يوافق على الطرح المشار إليه. (وهنا يمكن فهم لماذا اتخذ قرار تدمير سوريا) وعقب زيارة أبوالغيط إلى واشنطن واجتماعه مع كولن باول وكوندليزا رايس وهادلي وبعض من أعضاء الكونغرس سمع كلاما عدائيا وقاسيا تجاه الرئيس المعزول شخصيا وخاصة من هادلي ،عاد إلى القاهرة وقدم تقريره إلى الرئيس وقد عقب على فحوى ما نقل إليه بعبارة” المتغطي بالأمريكان عريان”.وحتى لا ندخل بتفاصيل كثيرة فمن المهم توضيح ما يلي:

١- أن الرئيس المعزول اكتشف متأخرا جدا وبعد 25 سنة من حكمه، حقيقة وجوهر الموقف الأميركي تجاه الدول العربية والعالم مع أن موقفها العدائي والتآمري ضد مصر والعرب كان واضحا كشمس تموز آب مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وحتى مع السادات رغم كل ما قدمه لهم من خدمات إستراتيجية في المنطقة وفي مقدمتها قطع العلاقة مع السوفييت وربطه مصر بالغرب.وقال السادات في إحدى خطبه ” أنهم يعصرونه مثل البرتقالة” وكان يقصد هنا إسرائيل وتناغم الولايات المتحدة الأميركية معها.

٢- كان على الرئيس المعزول أن يراجع ما فعله الأميريكان مع ما هو أهم منه بكثير مثل شاه إيران وماركوس وبينوشيه وسوهارتو وتخليهم عن رئيس فيتنام الجنوبية سابقا وحتى من تشاوسيسكو رئيس رومانيا ومن تفكيك أوروبا الشرقية وقصف يوغوسلافيا بحجة الدفاع عن المسلمين البوسنة هناك.

٣- السياسة الأميركية في الشرق الأوسط خاصة والعالم اجمع مبنية على المصالح وامن إسرائيل أولا وأخيرا ولا يوجد صداقات مبدئية بينها وبين العالم حتى مع الإتحاد الأوروبي حيث كشفت وثائق ويكليكس أنها تتجسس على كل حلفائها (بريطانيا وألمانيا وفرنسا وغيرها كثير ) .

٤- لقد دفع الرئيس المعزول ،كما فعل غيره من المغرومين والمفتونين بالولايات المتحدة، ثمنا باهظا مقابل التحالف معها ومشاركتها في تدمير العراق وسكوته عن قيام الولايات المتحدة وإسرائيل معا في اللعب في الساحة الخلفية لمصر في جنوب السودان ولويَ عنقه فيما يتعلق بسد النهضة في أثيوبيا وتهديدهما بشريان وحياة مصر الحيوي(نهر النيل)وسكوته عما تفعله سلطات الاحتلال في فلسطين ولبنان وسوريا.

٥- اعتقد الرئيس المعزول أن سياسة النأي بالنفس ومسايرة السياسة العدوانية الأميركية سوف تحميه وتؤمن لمصر استقرارها. متناسيا ما فعلته وتفعله ضد كل ما هو عربي ووطني وحتى مسلم.ورغم النصائح العديدة التي كانت تقدم له من مصر وخارجها إلا انه أصر على سياسة النعامة فكان لا بد أن يدفع الثمن. وللأسف الشديد فإن الثمن لم يدفعه مبارك وحده بل مصر كلها ومعها الوطن العربي.

٦- التجارب والتاريخ والجغرافيا والمنطق والموقع يؤكد:بأن مصر القوية المقتدرة هي الحامية والحاضنة والمانعة لتشتت الوطن العربي، فمن يحكم مصر عمليا هو من يقود الوطن العربي. لقد أدت سياسة العزلة والنأي بالنفس التي اتبعها مبارك إلى تمرد دول عربية بدأت تفاخر بأنها صديقة لإسرائيل وللولايات المتحدة وأنها ستعطيها قواعد عسكرية وتنفق عليها أيضا،وللأسف الشديد فقد لعبت هذه الدول وما زالت دورا سلبيا وعدائيا ليس ضد مصر فحسب وإنما في المشاركة الفعلية في تقسيم وتجزئة وتدمير الدول العربية الفاعلة والمؤثرة وتمويلها كل منظمات الإرهاب والمجموعات الانكشارية ليعيثوا قتلا بالعرب وتخريبا وهدما للمرافق الاقتصادية وللحضارة والتاريخ العربي والإسلامي .

ما قاله الرئيس المعزول جاء متأخرا جدا ولا يعفيه من المسؤولية . كان عليه منذ عام 2005 أن يتحرك ويأخذ زمام المبادرة للحيلولة دون تدمير ليبيا وسوريا واليمن ووقف تقسيم العراق ودعم شعب فلسطين في مقاومته للعدوان الإسرائيلي، كان هناك ما زال أمامه متسع من الوقت لا يقل عن نصف عقد للتحرك والفعل والعمل عوضا عن السكوت لتمرير توريث أبنه الحكم. فما حصل قد حصل ونأمل أن يستفيد منها الحكام الذين ما زالت لديهم حدا أدنى من الوطنية والارتباط بهذه الأرض العربية.الولايات المتحدة الأميركية ليس عليها رباط تمام كما هو حال شهر شباط ،وحقا المتغطي بالأمريكان عريان ،فهل من متعظ ؟

About this publication