We Want To Understand

<--

قبل أيام، اجتمع وزير الخارجية الأمريكي كيري هنا في البحرين معَ وزراءِ خارجية دول مجلس التعاون الخليجي. الهدف المعلن للاجتماع هو التحضيرُ للزيارة التي سيقوم بها الرئيس الأمريكي أوباما إلى السعودية هذا الشهر والقمة التي سوف تجمعه بقادة مجلس التعاون الخليجي.

من المفهوم إن زيارةَ أوباما والقمة مع قادة دول مجلس التعاون تأتي بعد المواقف التي عبر عنها الرئيس الأمريكي في الحوارات التي نشرتها مجلة «ذي أتلانتيك» الأمريكية من السعودية ودول المجلس وبعد ما أثارته تصريحاته من غضب خليجي عربي.

للتذكير، أوباما في حواراته هذه، عبر عن مواقف أربعة واضحة تماما:

1 – اعتبر أن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي هي منبع الإرهاب في المنطقة والعالم.

2 – اعتبر أن السعودية ودول مجلس التعاون ليسوا حلفاء حقيقيين لأمريكا، وأنهم يريدون استغلال القوة الأمريكية لحساب مصالحهم الضيقة، وأن أمريكا لن تنصاع لهم أو تقحم نفسها وقواتها دفاعا عنهم.

3 – اعتبر أن الدول والمجتمعات العربية عموما متخلفة خارج العصر وليس هناك أي أمل في إصلاحها.

4 – دعا أوباما السعودية إلى تقاسم المنطقة مع إيران. ودافع عن إيران. وليس لهذا من معنى سوى أن أمريكا ترفض أساسا الموقف الخليجي العربي من إيران ومن اعتبارها تهديدا لها.

الرئيس الأمريكي عبّر عن هذه المواقف بوضوح شديد ومن دون أي لبس أو مواربة.

ليس مقبولا هنا أن يقال إن ما قاله أوباما على هذا النحو هو مجرد رأي شخصي لا علاقة له بسياسات أمريكا الرسمية. لو كان أوباما خارج السلطة، لكان من الممكن قبول هذا الكلام، ولما كانت تصريحاته قد أثارت أي اهتمام جدي أصلا.

لكن أوباما هو رئيس الولايات المتحدة ويعبر بداهة عن مواقفها وسياساتها الرسمية.

وغير هذا كما كتبنا من قبل، من الواضح أن المؤسسات الأمريكية تتبنى هذه المواقف وتتصرف على أساسها. والأهم من هذا أن السياسات الأمريكية الفعلية في المنطقة طوال الفترة الماضية تؤكد هذا.

على ضوء هذا، هناك أمر غير مفهوم أبدا هنا.

بعد كل هذا الذي قاله أوباما، على أي أسس إذن سوف تستقبله دول مجلس التعاون وتعقد هذه القمة معه؟

في الفترة الماضية، خرج مسؤولون خليجيون عدة في أكثر من مناسبة بتصريحات يقللون فيها من شأن ما قاله أوباما، ويقولون كلاما من قبيل أن العلاقات مع أمريكا قوية وتاريخية، وأن علاقات التحالف الإستراتيجي معها قائمة ولم تتغير وأن أمريكا لم تتخل عن المنطقة.. إلى آخره.

من المكن أن نتفهم هذه التصريحات من منطلق أنها تصريحات دبلوماسية محكومة بالقيود الرسمية، لكن لا يمكن قبولها أو الركون إليها.

سبب هذا أنها لا تعكس أبدا واقع الحال، وأوباما لم يراعِ أيَ اعتبارات دبلوماسية، ولم يحرص حتى على تجميل مواقفه حين عبّر عنها.

لهذا، هناك أمورٌ غيرُ مفهومة هنا.

حين يستقبل قادة مجلس التعاون أوباما ويعقدون قمة معه بعد ما قال، هناك أسئلة كثيرة بحاجة إلى توضيح وإجابة، في مقدمتها:

ما الذي قاله كيري أو غيره من المسؤولين الأمريكيين، وما الذي سيقوله أوباما لقادة مجلس التعاون، في تفسير أو تبرير المواقف الواضحة الصريحة التي عبّر عنها؟

وهل ما يقولونه مقبول لنا ويمكن أن يبدد أي انتقادات ودواعي للقلق أو الغضب من هذه المواقف؟

على أي أسس ومواقف بالضبط سوف تعقد هذه القمة؟

ما الجديد الذي قدمه المسؤولون الأمريكيون بعد هذه التصريحات؟

نحن نعلم هنا تماما ما يفعله المسؤولون الأمريكيون في كل مرة تثار فيها أزمة أو مشكلة مع السعودية ودول مجلس التعاون.

يدلون ببضع تصريحات إنشائية على سبيل الترضية من قبيل أنهم غير راضين عن تدخلات إيران في شؤون دول المنطقة، أو أنهم غير موافقين على أعمال إيران الاستفزازية، أو أنهم مهتمون بأمن واستقرار دول المنطقة وما شابه ذلك.

بعد ما قاله أوباما، لم يعد من المقبول أبدا أن نقبل «استغفالنا» بمثل هذه الكلام الإنشائي واعتبار أن الأمر أصبح منتهيا.

نريدُ أن نفهمَ.

ومن واجب المسؤولين في دولنا أن يوضحوا لنا الصورةَ وحقيقة ما يجري بالضبط، وعلى أي أسسٍ يستقبلون أوباما.

وعلى أي حال، سننتظر ونرى.

About this publication