False Lessons for America

<--

السياسة الأميركية حيال قضايا منطقتنا لا تستطيع العيش والتكيف مع مجرياتها دون الكذب والمراوغة والتضليل والتزييف والتزوير، فهي تدعي شيئاً وتنفذ أشياء أخرى، وهي تزعم محاربة الإرهاب وتفعل كل ما من شأنه دعم تنظيماته بالمال والسلاح وكل أسباب البقاء.

وآخر خزعبلات الكذب والدجل الأميركية في هذا الإطار أن المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست يعلن أن الدروس التي تعلمتها الولايات المتحدة من الحرب على العراق في عام 2003 تؤكد عدم وجود حل عسكري للأزمة في سورية، وذلك رداً على المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا التي كانت قد أكدت في وقت سابق لتصريح أرنست أن موسكو تأمل من الولايات المتحدة وشركائها عدم تكرار أخطاء الماضي لحل الأزمات بالقوة.‏

وفي التفاصيل المذهلة للكذبة الأميركية الجديدة أن أرنست يقول إن سياستنا الحالية في سورية منعت تكرار الأخطاء التي ارتكبتها الإدارات السابقة، ثم يستطرد أيضاً ليس بإمكان أحد تحقيق نجاح إذا عول على الحل العسكري في سورية.‏

والسؤال هو أي دروس تعلمتها أميركا من غزو العراق إذا كانت حتى هذه اللحظة لا تعرف إلا سياسات الغزو ودعم الإرهاب والإفصاح علناً عن مخططات الفوضى الهدامة في طول المنطقة وعرضها تحت مسميات الفوضى الخلاقة؟!.‏

أي دروس تعلمتها أميركا من الأحداث التي جرت بعد الهجوم على برجي التجارة العالمي وهي لا تزال تواصل استخدام الإرهاب لاستهداف سورية عبر دعم مجموعات إرهابية مسلحة تصفها مرة بالمعارضة المعتدلة ومرة بقوات سورية الجديدة وثالثة باسم قوات سورية الديمقراطية؟!.‏

أي دروس تعلمتها وهي التي لا تزال ترفض تطبيق قرارات مجلس الأمن لمكافحة الإرهاب ولم تف بعد بالتزامها بخصوص فصل ما يسمى مجموعات المعارضة المسلحة التابعة لها عن تنظيم داعش الإرهابي ما يعرقل الحرب على الإرهاب؟!.‏

ثم ما هي ماهية هذه الدروس إن كانت أميركا تصرح أن الحل السياسي للأزمة في سورية هو المفضل فيما تذهب بعيداً في خططها العسكرية عن طريق أدواتها الإرهابية وحلفائها؟.وهاهم واحد وخمسون موظفاً من موظفي خارجيتها يوقعون على رسالة يدعون فيها الرئيس باراك أوباما لاستهداف سورية عسكرياً؟.‏

ما طبيعة تلك الدروس وعشرات المحللين والمتابعين للحرب الأميركية المزعومة على الإرهاب يقولون على الأميركيين التزام الصمت حين الحديث عن سورية لأنهم ساهموا في نشوء تنظيم داعش الإرهابي ويقومون عملياً بشكل غير مباشر بتمويله، ويحاولون من خلاله التدخل في شؤونها الداخلية وفرض حلول مصنعة على مقاسات أجنداتهم لأزمتها؟!.‏

لا شك أنها دروس كاذبة في ظل آلاف التقارير التي تسرد الوقائع والحقائق والوثائق عن تمويل داعش المتطرف بطرق غير مباشرة من قبل الولايات المتحدة ، فالتنظيم يغرق بالمال المتأتي من سرقته للنفط السوري والعراقي، في الوقت الذي لم تقم الولايات المتحدة حتى الآن بأي أفعال ملموسة لحظر ممارسة التجارة معه أو معاقبة الجهات التي تتستر عليه.‏‏

دروس في غير محلها لأن إنهاء الأزمة في سورية يتطلب هزيمة هذا التنظيم الإرهابي، في حين دعمته أميركا في الوقت الذي ادعت أنها أسست التحالف الدولي للقضاء عليه وقامت بأكثر من تسعة آلاف طلعة وضربة جوية لكن نتائج القضاء المزعوم على داعش تكاد تساوي الصفر ‏لأن واشنطن هي العقل المدبر لترتيب الدعم المقدم لـهذا التنظيم المتطرف وتنسيقه، حيث قامت بالتنظيم والتنسيق بين كل الدول الداعمة لـه واستخدمت قواعدها العسكرية في تركيا والأردن وقطر والسعودية لهذه الغاية.‏‏

دروس معكوسة وهذا مدير المخابرات العسكرية الأميركية السابق مايكل فلين يعترف بمسؤولية بلاده عن ظهور تنظيم داعش الإرهابي موضحاً انه لو لم تقم الولايات المتحدة بغزو العراق لما ظهر هذا التنظيم المتطرف لا بل إن رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير أقر في تصريح له مؤخراً بأن غزو العراق عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة ساهم في ظهور التنظيم الإرهابي في أحدث اعتراف لمسؤول غربي حول هذه القضية.‏‏

دروس خداعة وهذا قائد العمليات الاستخبارية الأميركية خلال غزو العراق الجنرال مايكل فلين يقول بان احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها عام 2003 مهد لظهور داعش ورأى أن الوصف نفسه ينطبق على القضاء على الحكومة القائمة في ليبيا عام 2011 التي باتت اليوم دولة فاشلة، ‏ويعترف بأن الدرس التاريخي الكبير يتلخص بأن غزو العراق استراتيجياً كان قراراً سيئا بشكل لا يصدق ولن يكون التاريخ متساهلا إزاء بلاده التي تستمر بالكذب وإدعاء تعلمها من دروس الماضي.‏

About this publication