American Steps To Divide Syria

<--

تسير أمريكا بخطوات مدروسة ومبرمجة لتقسيم سوريا، ومنها:

1 ـ إطالة عمر الأزمة السورية دون اكتراث بالقتل والموت بين أبناء الشعب السوري حتى استسلام الجميع لمشروع التقسيم.

2 ـ إطلاق يد إيران وميليشياتها لزرع الفوضى، وتعطيل مشروع الثورة الشعبية، وإعطاء إيران حصة من التقسيم السياسي والأمني، الذي لا يهدد الدولة الاسرائيلية، بل يكون ضامنا للتقسيم وحارسا مرة اخرى لإسرائيل، بغض النظر عن الشعارات المستعملة.

3 ـ افتعال مشاكل ونزاعات لدول المنطقة التي تعارض التقسيم، لإضعاف دورها السياسي والاستخباراتي والعسكري، وبالأخص بين الدول الخليجية الداعمة للثورة والمعارضة السورية، واستثمار الخلافات بينها ومع تركيا ومع إيران، بهدف تشتيت جهودها وإلهائها بنفسها ومشاكلها، وافتعال مشاكل مع الادارة الأمريكية أيضاً، لتكون أمريكا حرة من الالتزام السياسي والأخلاقي نحو الشعب السوري والدول المعنية بحمايتها ومساعدتها.

4 ـ تجنيد قوات وميليشيات محلية لخدمة مشروع التقسيم في سوريا والعراق، ومنها حزب العمال الكردستاني وفروعه في سوريا مثل، حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية وغيرها.

5 ـ افتعال التوترات الدولية، ومنها الخلافات الأمريكية الروسية، والعقوبات المفروضة عليها، والخلافات الأمريكية مع بعض الدول الاوروبية، ومنها العقوبات الأمريكية الأخيرة ضد مشروع الغاز الروسي إلى أوروبا، الذي يضر بتأمين الطاقة لأوروبا نفسها.

هذه بعض الاجراءات التي تتخذها السياسة الأمريكية لتمرير مشروع تقسيم سوريا، وليس بالضرورة أن تكون أمريكا قد خططت لإيجاد هذه المشاكل من اصلها، وإنما تقوم باستثمار الأحداث لتصب في مشروعها للتقسيم السياسي في المنطقة، وجعلها تحت الهيمنة الأمريكية بالكامل. فامريكا لم تكن الصانعة ولا المدبرة ولا المخططة للثورة السورية، ولكن أمريكا عملت على استثمار الثورة من جميع اطرافها، بما فيها بعض فصائل الثورة الشعبية وايران وجيش الأسد، بل إدخال روسيا عسكريا في ضبط المعادلة، التي تؤدي إلى التقسيم، فأمريكا وضعت شروطها على تسليح الثورة السورية ونوع الأسلحة ودورها وقدرتها على إسقاط النظام، وعندما رجحت كفة الثورة السورية، وأوشكت على اسقاط نظام الاسد، اشترطت أمريكا أن يتم الإسقاط عبر مؤتمر دولي في جنيف، بحجة عدم خروج الأحداث عن السيطرة، ولكنها استخدمت مؤتمر جنيف لصناعة مستقبل سوريا التي تريدها، وليس التي يريدها الشعب السوري، ولا سوريا التي تريدها الدول العربية الداعمة للثورة، ولا سوريا التي تريدها تركيا مؤمنة لحدودها وصديقة لها، وإنما إيجاد سوريا المنقطعة عن محيطها العربي، والمهددة للدولة التركية، لتحجيم طموحات الدول العربية الخليجية، والدولة التركية، في بناء ذاتها إلا بالشروط الأمريكية والاسرائيلية.

لقد قدمت امريكا كافة المعدات العسكرية الثقيلة والمتطورة لقوات حماية الشعب الكردية، ومكنتها من عمليات تطهير عرقي ضد السكان الأصليين من العرب والتركمان، بل السيطرة على مصادر المياه في شمال سوريا، لأنها تريد أن تمكن هذه الميليشيات من تحقيق المشروع الأمريكي بتقسيم سوريا، ولو كان ذلك على حساب الشعب السوري الذي منعت عنه التسليح النوعي، ولو كان ذلك على حساب الأمن القومي العربي والتركي معاً، فقد تمكن تنظيم «ب ي د/ بي كا كا»، من السيطرة على ثلاثة أكبر سدود ونحو 23 في المئة من الأراضي السورية، من خلال الدعم العسكري المقدم له من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغت مساحة المناطق المحتلة من قبل مسلحي التنظيم ما يقرب من 39 ألفا و500 كيلومتر مربع، في سوريا التي تبلغ مساحتها حوالي 185 ألف كيلو متر مربع.

وسيطر التنظيم من خلال الدعم الأمريكي على ثلاثة أكبر سدود في البلاد، وهي سد الفرات وسد البعث (غرب الرقة)، وسد تشرين (شرق حلب)، تلك السدود توفر نحو 70 في المئة من احتياجات البلاد من الكهرباء ومياه الري، واستنادًا إلى بيانات البنك الدولي ووزارة الري التابعة للنظام السوري، فإن تنظيم «ب ي د/ بي كا كا» لم يستخدم دعم الولايات المتحدة للاستيلاء على المناطق التي تضم السدود وحسب، بل على المناطق الحساسة من ناحية الإمداد الزراعي، ويتم ري الأراضي الزراعية الواسعة الممتدة من شرق حلب (شمالي سوريا) إلى الشرق، حيث الحدود العراقية بالمياه المخزنة في السدود الثلاثة سابقة الذكر، وتبلغ مساحة تلك الأراضي الزراعية التي تقع في منطقة الجزيرة السورية، نحو 30 ألف كيلومتر مربع، يسيطر التنظيم على 80 في المئة من مساحتها.

وقد ذكرت بعض المصادر الاعلامية إن الاستخبارات الأمريكية تنتهج سياسات قذرة لإثارة النزاعات والاشتباكات، بين مجموعات الجيش السوري الحر، في المناطق التي حررتها عملية «درع الفرات» شمال سوريا، بهدف إفساد جهود القوات المسلحة التركية هناك، واعتبرت المصادر أن الهدف من تلك السياسات هو إفساد التعاون القائم بين القوات المسلحة التركية والجيش السوري الحر، وبالتالي فتح الطريق أمام ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي (بي واي دي) للسيطرة على المنطقة، وبحسب المصادر نفسها أن البنتاغون وبالتعاون مع وكالة الاستخبارات الأمريكية يقوم بالتحريض على استمرار تلك الاشتباكات في الشمال، لزعزعة الاستقرار في المنطقة، وإفساد كلّ جهود القوات المسلحة التركية التي فقدت أكثر من 71 شهيدًا من أجل تحريرها، كما يهدف إلى إثارة إزعاج القوّات التركية لتضطر للانسحاب، وتستولي ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي على المنطقة من بعدها».

وفي الوقت نفسه قال تقرير لوكالة الشرطة الأوروبية «يوروبول» صدر في يونيو الجاري: «إن تنظيم «بي كا كا» شنّ سلسلة هجمات ضد هيئات ومراكز ثقافية وأملاك تركية، في عدد من دول الاتحاد الأوروبي، خلال العام الماضي، وتناول تقرير «حالة الإرهاب في أوروبا 2017»، الحوادث الإرهابية التي شهدتها دول الاتحاد الأوروبي خلال 2016. وذكر التقرير أن خمس هجمات بقنابل يدوية، استهدفت مباني تابعة للحكومة والجمعيات التركية في فرنسا، كما سُجلت عدة هجمات ضد أهداف مشابهة في بلجيكا، بينها إشعال حرائق وهجمات بمواد متفجرة. كما شهدت ألمانيا عدة حوادث، وقع معظمها خلال مظاهرات معارضة ومؤيدة لـ»بي كا كا»، حيث تم تخريب ممتلكات تركية باستخدام مواد حارقة، وتسببت إحدى الهجمات بخسائر قيمتها مليونا يورو على الأقل، بينما لا يزال التنظيم يواصل نشاطاته في اوروبا من خلال جمع التبرعات والدعاية واجتذاب أعضاء للمنظمة، في كل من بلجيكا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، ورومانيا، وسويسرا، وقدر التقرير ما جمعه التنظيم في فرنسا وحدها، عام 2016، بحوالي 5.3 مليون يورو.

وقد افتعلت أمريكا أزمة سياسية ودبلوماسية مع تركيا بإصدارها لقرار قضائي بتوقيف عدد من أفراد حماية الرئيس رجب طيب أردوغان على خلفية أحداث وقعت أثناء زيارة الرئيس التركي لأمريكا مؤخرا، فقامت الخارجية التركية باستدعاء السفير الأمريكي لدى أنقرة، جون باس، احتجاجا على القرار القضائي الصادر في الولايات المتحدة، بتوقيفهم، وقالت الخارجية في بيان لها يوم 15 يونيو الجاري: «إن قرار السلطات الأمريكية خاطئ ومنحاز، ويفتقد للسند القانوني»، وأوضحت: «أن المناوشات التي وقعت أمام السفارة التركية في واشنطن، خلال الزيارة الأخيرة لأردوغان للولايات المتحدة، ناجمة عن عدم اتخاذ السلطات الأمنية المحلية التدابير اللازمة والمعتادة، لدى حدوث زيارات رفيعة بهذا المستوى»، وأشارت الخارجية إلى إبلاغ السفير بأنه لا يمكن تحميل المواطنين الأتراك مسؤولية ما حدث أمام السفارة، في ظل التقصير الأمني من الجانب الأمريكي، لأن السلطات الأمريكية تغاضت عن اقتراب محتجين تابعين لحزب العمال الكردستاني من السفارة التركية، وهم يحملون رايات ورموز منظمة إرهابية، وعدم القيام بأي إجراءات بحق رجال الأمن الأمريكيين، الذين اعتدوا على أفراد حماية وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمام السفارة في تلك الزيارة، فأنصار «بي كا كا» هاجموا المواطنين الأتراك، فيما لم تتخذ الشرطة الأمريكية إجراءات كافية لمنع وقوع مصادمات بين الطرفين، ثم تابعت الإدارة الأمريكية افتعال مشكلة مع الحكومة التركية بإصدارها قرارا بتوقيف 12 من أفراد حماية الرئيس أردوغان، وهذا يدخل في الإجراءات التي تفتعلها أمريكا للاساءة إلى العلاقة مع تركيا، واستثماره بفرض التقسيم في سوريا مع الأحزاب الارهابية، وفق الخطة الأمريكية، ما يفرض على الدول العربية والخليجية وتركيا، بل والدول غير المعنية بالخضوع للمشاريع الأمريكية بوقف مشاكلها البينية، والعمل معا لحل مشاكلها بنفسها ودون وساطات خارجية، فالوساطات الخارجية وبالأخص الأمريكية منها، لا تخرج عن دائرة الاستثمار في هذه المشاكل لتحقيق مصالح أمريكا منها، وليس حل المشاكل إطلاقا، سواء كانت المشاكل سورية او خليجية او روسية أو أوروبية أو تركية.

About this publication