Will Trump Withdraw US Bases from Qatar?

<--

لم تكن تصريحات دونالد ترامب عن «استعداد عشر دول على الأقل لبناء قاعدة أخرى»بديلة للوجود العسكري الأميركي في قطر في حال اضطرت واشنطن للخروج منها، زلة لسان، أو فقط تكتيكاً تفاوضياً للضغط على الدوحة. إنما تعكس نقاشاً أميركياً بدأ حول مصير قاعدة العديد على رغم تحفظات جدية من وزارة الدفاع والقيادة العسكرية الأميركية على نقلها.

كلام ترامب لشبكة «سي . بي . أن» الخميس يمكن فهمه بشقين الأول داخلي والثاني خارجي. الأول موجه لقاعدته اليمينية والشعبوية وشعار أميركا أولاً الذي رفعه طوال الحملة الانتخابية. من هذا الباب، أراد ترامب أن يقول أن ليس هناك قاعدة عسكرية خارج الولايات المتحدة من دون بديل وليست هناك امتيازات تقدمها قطر لا يمكن أن تقدمها دول أخرى. لا بل أبدى الرئيس الأميركي ثقة بأن كلفة نقل القاعدة وإنشاء بديل لها ستكون من مسؤولية الدولة المضيفة أو دول تشترك في هذه النفقات وليس الولايات المتحدة. وهنا أيضاً غمزة للقاعدة اليمينية بأن رئيسها لن يهدر أموال دافع الضريبة الأميركية في الشرق الأوسط.

خارجياً وهو الأهم، تعكس تصريحات ترامب نقاشاً بدأ داخل الإدارة عن بدائل لقاعدة العديد في حال طالت الأزمة أو باتت تهدد التحرك العسكري الأميركي في الحرب ضد «داعش» والطلعات من قطر الى سورية والعراق وأفغانستان. فالرئيس الأميركي في بداية الأزمة وكما قالت مصادر مسؤولة لشبكة «أن . بي . سي» لم يكن يعرف أن هناك ١١ ألف جندي أميركي موجود في القاعدة التي تم الإعلان عن تفعيلها رسمياً في ٢٠٠٢ وتمنح الجيش الأميركي صلاحيات كبيرة في حركة الطائرات وتأمين الوقود والتواصل مع غرف العمليات. وها هو ترامب اليوم لا يتحدث فقط عن القاعدة العسكرية بل عن بدائل محتملة لها، ما يعني أن الجدل حول الخيارات الطارئة والبديلة بدأ في واشنطن ولو لم يتخذ الرئيس قراراً في اتجاه معين حوله.

إعلامياً، بدأ النقاش حول مصير العديد منذ أسابيع في الداخل الأميركي بين نخب دفاعية سابقة بعضها يقدم استشارات للبيت الأبيض. إذ كتب الأميرال المتقاعد جايمس ستافريديس في صحيفة ديلي نيوز في ٢٨ حزيران (يونيو) الفائت، أن على واشنطن «أن تستكشف بهدوء خطط بديلة لنقل العمليات الجوية (من قطر) الى الإمارات العربية المتحدة، وهو تحرك يضع قواتنا في بيئة أكثر استقراراً». ستافريديس وهو اليوم عمدة مدرسة فليتشر للقانون والديبلوماسية، وكان مستشاراً للمرشحة السابقة هيلاري كلينتون قبل أن يبدأ بتقديم استشارات لترامب، يعكس تياراً دفاعياً داخل الوسط الأميركي مع نقل القاعدة.

إنما هذا التيار لا يعبر عن قناعات وزير الدفاع جايمس ماتيس الذي حرص من اليوم الأول للأزمة على الحفاظ على التعاون الدفاعي مع قطر وتحييد الأزمة قدر الإمكان عن الحرب ضد «داعش». وقال ماتيس للصحافيين بعد كلام ترامب أمس أن «ليست هناك تداعيات» على القاعدة الجوية و «لا حاجة للبحث عن بدائل». في الوقت ذاته، زادت اتصالات الوزير مع نظيره القطري خالد العطية ولضمان عمل الآلية الدفاعية بين الطرفين على رغم ما يقوله الرئيس الأميركي.

إلا أن ماتيس ومعه وزير الخارجية ريكس تيلرسون ومهما حاولا، لا يمكنهما عزل تصريحات ترامب أو تغريداته ووصفها بأنها كلام عرضي. فالرئيس وهو الآمر والناهي في قرارات الحرب والسلم بالتنسيق مع الكونغرس، يقود نهجاً مغايراً بأسلوبه ونبرته للمؤسسة التقليدية التي يمثلها الوزراء في التعاطي مع قطر.

ويرى ترامب ومعه آخرون في الإدارة وخارجها، بينهم مثلاً قيصر محاربة الإرهاب في أميركا ريتشارد كلارك، أن في الأزمة فرصة لواشنطن «لتصحيح مسار قطر»، كما قال المسؤول السابق لمجموعة من الصحافيين. وهنا يأتي الحديث عن خيارات نقل القاعدة ليزيحها عن الطاولة كورقة ضغط من الدوحة، وقد يجعلها خطوة أكثر ترجيحاً في حال طالت الأزمة وزادت ضبابيتها وانعكاساتها الإقليمية.

About this publication