Rogue Nikki Haley in Israel

<--

خلال مأدبة غداء مع سفراء مجلس الأمن الدولي في البيت الأبيض، في شهر إبريل/نيسان الماضي، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المساهمات الأمريكية في الأمم المتحدة بأنها «لا تقارن بالعمل المهم» المطلوب في اتجاه دفع المنظمة للإصلاح، وقال إن حصة الولايات المتحدة في ميزانيات المنظمة الدولية «غير عادلة». وكانت إدارة الرئيس ترامب قدمت للكونغرس في السادس عشر من مارس/آذار 2017 مقترح ميزانيتها للسنة المالية التي تغطي نفقات الحكومة الأمريكية خلال السنة المالية من 1 أكتوبر/تشرين الأول 2017 إلى 30 سبتمبر/أيلول 2018، بقيمة إجمالية بلغت 1.15 تريليون دولار. وتضمنت خفضاً لمخصصات وزارة الخارجية نسبته 28%، من بينه خفض بواقع نحو ثلث تمويل ميزانيات الدبلوماسية الأمريكية والمساعدات، وهو ما يوازي نحو 19 مليار دولار. ويشمل الخفض نحو مليار دولار من تمويل مهام حفظ السلام بالأمم المتحدة، وتقليص كبير من تمويل المنظمات الدولية. ويصل مجموع ما تنفقه الولايات المتحدة على الأمم المتحدة سنوياً إلى نحو 10 مليارات دولار، تشمل حصتها البالغة نسبتها 22% من ميزانية المنظمة البالغة 5.4 مليار دولار، إضافة إلى تمويل قوات حفظ السلام الدولية، وبرامج المنظمة لمكافحة الجوع وإيواء النازحين، ومعالجة كوارث تغير المناخ.

ورغم تقليص تمويلها للأمم المتحدة الذي علّق عليه المتحدث باسمها ستيفان دوجاريك، في بيان أصدره الأربعاء 24 مايو/أيار 2017 بالقول: «إن مساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتقليص التمويل للأمم المتحدة ستجعل من المستحيل على المنظمة الدولية مواصلة عملها الأساسي»، ورغم ذلك تعتقد الولايات المتحدة أنها لا تزال صاحبة الفضل والحق الأكبر الذي لا يُنازَع، وصاحبة الكلمة الفصل في كل ما تخططه وتنفذه الأمم المتحدة من برامج وسياسات، بغض النظر عن تخفيض مساهمتها في ميزانية المنظمة وبرامجها الإنمائية، وبغض النظر عن استعداد دول أخرى، مثل الصين وألمانيا وغيرهما، لتعويض مساهمة واشنطن في هذه الميزانية والبرامج. وهي لذلك واصلت نهجها في اختيار شخصية مؤهلة لمواصلة الاضطلاع بهذا الدور، حيث وقع اختيارها على الحاكمة السابقة لولاية كارولينا الجنوبية عن الحزب الجمهوري، السيخية الأصل، نيكي هالي التي اندفعت منذ لحظة تقلدها للمنصب لمحاولة إثبات أهليتها للمهمة المناطة بها من خلال الإفراط في استخدام لغة التهديد والوعيد الهجومية، سواء باستخدام القوة، أو فرض العقوبات، وتوجيه الاتهامات لكل من تضعهم واشنطن في خانة الخصوم المثبتين، والمحتملين للولايات المتحدة. ولعل أكثر ما يهمنا في شخصية المندوبة الأمريكية الجديدة، عداؤها الصريح الذي لا تخفيه للقضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية، وهيامها «الباذخ» الذي يبدو مبالغ فيه ب»اسرائيل» لحد الاندفاع العدواني للدفاع عنها كلما طالتها بعض عبارات الانتقاد داخل أروقة المنظمة الدولية. فهي وقفت بعنف ضد تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض رئيساً لبعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، وحشدت بالمقابل لتعيين سفير «إسرائيل» لدى الأمم المتحدة، داني دانون، نائباً لرئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، ممثلاً عن مجموعة الدول الغربية (WEOG) في هذا المنصب الرفيع والحساس.

وقد كافأتها «إسرائيل» على «عربون هداياها» لها بدعوتها لزيارتها، فكان أن لبت الدعوة بسرعة، خلال الفترة من 7-9 يونيو/حزيران 2017، في زيارة وُصفت بالسياحية الدينية الخاصة، كتلك التي قام بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شهر مايو/أيار الماضي، حتى لا تعتبر اعترافاً ضمنياً من قبل الولايات المتحدة بسيادة «إسرائيل» على البلدة القديمة. وكما جرت العادة، فقد استثمر «الإسرائيليون» هذه الزيارة استثماراً سياسياً، ودينياً، وثقافياً، فكتب موقع «تايمز أوف «إسرائيل»» الإخباري في تغطيته للزيارة: «بعد 50 عاماً من بسط المظليين «الإسرائيليين» سيطرتهم على الحائط الغربي في حرب الأيام الستة في عام 1967، وقفت نيكي هالي المتأثرة بصمت واضعة يديها على الحجارة في قسم النساء من الحائط الغربي الذي يعود تاريخه إلى 2000 عام. وقد توجهت هالي إلى أنفاق الحائط الغربي، حيث وقعت هناك على كتاب الزوار، وكتبت «قلبي مملوء، وحياتي ستتغير بعد هذه الزيارة، لقد كان اختبار المكان المقدس مع أشخاص روحانيين مملوئين بالحب نعمة. ليحفظ الله كل من يأتي إلى الحائط الغربي».

ونحن نقول: ليحفظ الله فلسطين، وشعبها الصابر والصامد في وجه آخر قلاع الكولونيالية، من تربصات ودسائس وعدائية نيكي هالي

About this publication