The Gulf Crisis and America’s Opportunistic Position

<--

الأزمة الخليجيّة والموقف الإنتهازي الأمريكي

نحن أمّة لا تتعلّم من تجاربها وأخطائها .لقد خدعنا العالم الغربي واستغلّ جهل شعوبنا وأخطاء حكّامنا مرّات ومرّات خلال المائة عام الماضية . بريطانيا وفرنسا وأمريكا نهبت ثرواتنا، وتآمرت علينا، وشرذمت وطننا، وناصبتنا العداء، وأقامت الدولة الصهيونيّة في فلسطين وحمتها سياسيّا، ودعمتها ماليّا بسخاء، وزوّدتها بأحدث أنواع الأسلحة لتهزمنا وتحتل أرضنا، وما زلنا كالنعام ندفن رؤوسنا في الرمال ونثق بها، ونأتمر بأوامرها، ونتآمر معها ضدّ إخواننا وأوطاننا !

أمريكا هي الدولة الأقوى في العالم، والأكثرعداء لنا ولقضايانا وفي مقدّمتها قضية فلسطين . إنها تعتمد في تعاملها مع شعوبنا ودولنا على “سياسة فرّق تسد ” التي كانت واضحة في مؤتمر ترامب العربي الإسلامي الذي عقد في الرياض قبل حوالي شهرين، والذي كان الهدف من إنعقاده إستغلالنا سياسيا، وابتزازنا ماليا، وزيادة الخلافات بين دولنا. لقد حصل ترامب على مئات بلايين الدولارات التي أرادها، وطلب علنا من دولنا أن تصطفّ معه ومع نتنياهو ضدّ إيران، وأن نحارب له الإرهاب، واستغل الخلافات المزمنة بين دولة قطر ودول مجلس التعاون لخلق أزمة بينها ليستمر في ابتزازها والتحكّم بقرارها السياسي.

ترامب قال بعد المؤتمر بأن بعض القادة العرب أخبروه عن دور قطر في دعم الإرهاب، وانّه شجّع حكّام دول الخليج على مواجهتها. هل كان ترامب بحاجة إلى حكّام عرب ليخبروه عن الدول المتورّطة في الإرهاب ؟ بالتأكيد لا، إنّه يعرف صنّاعه ومموّليه ولكنّه كذب لإثارة أزمة خليجية ونجح في ذلك ! إذا كانت وكالة الإستخبارات الأمريكية ال “سي آي أي” التي تزوّده بالمعلومات لا تعرف من هي الدول المتورّطة في الإرهاب فمن الذي يعرف ؟ ألرجل إستغل الخلافات بين قطر ودول مجلس التعاون للضغط عليها جميعا وابتزازها، فانتقد قطرعلنا، وطلب منها تغيير سياستها والتوقّف عن دعم الإرهاب ! وعندما انفجرالخلاف وأصبح علنيّا، دعم ترامب وإدارته موقف المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات ومصر ضدّها، وطلبوا من قطر الإستجابة لمطالبها .

بعد عودة ترامب إلى واشنطن من الرياض، وافق الكونجرس على بيع طائرات مقاتلة واسلحة لقطر بقيمة 20 مليار دولار. وبعد أن دفعت قطر بلايينها، تغيّر موقف الإدارة الأمريكية فجأة وقالت إن قطر تحارب الإرهاب، وإن على دول الخليج حلّ خلافاتها بالحوار، وتدخّلت كوسيط لحل الأزمة . لقد أتصل ترامب مع قادة الدول المعنيّة، وزار وزير الخارجية ريكس تيلرسون المنطقة عدّة مرّات، ودعم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري بوب كوركر موقف قطر، ووصف الإجراءات التي إتخذتها الرياض بحق الدوحة بأنها ” خطأ مبتدئين ناجم عن افتقار الخبرة ” !

ترامب وإدارته أشعلوا الحريق، وتعمّدوا الإدلاء بتصريحات متناقضة، وانتظروا حتى تصاعد اللهب، ثم تدخّلوا كوسطاء لجني الثمار وعيونهم مركّزة على دولارات النفط والغاز العربية السائبة. أمريكا تعمل لإطالة أمد النزاع .أنها تدير الأزمة لخدمة مصالحها وتستغلّها لبيع المزيد من السلاح لدول النفط وابتزازها ماليا وسياسيا، وزيادة وتعميق الإنقسامات العربية، ودعم سياستها الرامية إلى محاصرة إيران، ومساعدة إسرائيل في تحقيق أهدافها.

إن ما يجري الآن بين دول مجلس التعاون دليل على فشلها في التعامل مع قضاياها، وإنّه من الأفضل لها أن تحلّ خلافاتها بالحوار، وأن لا تسمح لأمريكا باستغلالها واشعال المزيد من النيران في المنطقة .أمريكا لا تعرف الوفاء لأحد، ولا تؤمن إلا بمصالحها، وتكذب باسم العدالة والمساواة ودعم الديموقراطية .إنها ستخون حكّام الخليج وتتخلّى عنهم كما خانت غيرهم وتخلّت عنهم عندما تطلّبت مصالحها ذلك !

About this publication