The Media from Trump to Boris Johnson

<--

بقصد أو دون قصد، يسهم الإعلام فى بريطانيا وأمريكا فى دعم كل من بوريس جونسون ودونالد ترامب.

فالتغطية اللانهائية لكل شاردة وواردة تصدر عنهما تجعلهما القضية الأولى بلا منازع، وذلك على حساب ما دون ذلك من قضايا داخلية وعالمية كبرى.

وأوجه التشابه بين بوريس جونسون ودونالد ترامب متعددة، لعل أهمها الطابع الجدلى لخطابهما السياسى، كما يستخدم كلاهما أحيانا كثيرة خطابا يسىء للأقليات.

ومثل ذلك الخطاب هو الوصفة السحرية لضمان تغطية إعلامية مكثفة، فهو يوفر التسلية والإثارة التى يضمن بها الإعلام الحصول على الإعلانات. ثم إنه لا يكلف الكثير. فلا حاجة لمراسلين ولا استقصاء وبحث فيما وراء الخبر، وهى كلها أمور تتطلب أموالًا، فكل المطلوب هو عرض التصريح نفسه ثم تعليقات لا نهائية عليه، أو معارك فى الاستديو بين مؤيد ومعارض.

والإعلام البريطانى، حتى المناهض منه لبوريس جونسون، يغطى كل تحركات الرجل وتصريحاته بلا توقف. والمتابع للإعلام البريطانى، منذ أعلنت تيريزا ماى استقالتها وانطلاق معركة حزب المحافظين لاختيار من يخلفها- يلمح بوضوح غياب قضية البريكسيت التى طالما هيمنت دون غيرها على الإعلام، فقد حل محلها بوريس جونسون ليصبح شخصه هو المتصدر لنشرات الأخبار وتغطية الصحف، دون باقى المرشحين، وعلى حساب كل القضايا التى تهم المواطن البريطانى من صحة وتعليم وغيرهما، بل القضايا العالمية الكبرى.

والإعلام الأمريكى، حتى المناهض منه لدونالد ترامب، بعد أن أمضى أكثر من عام فى التركيز شبه المطلق على تحقيقات مولر- لا يزال مفتونا بترامب نفسه وتغطيه كل شاردة وواردة تصدر عنه. يحدث ذلك بينما يغض الطرف حتى عن سياسات الإدارة والقضايا الكبرى الداخلية والعالمية.

ولأن الإعلام الأمريكى، ثم البريطانى يحتلان مكانة كبرى وسط الإعلام العالمى، فإن غياب القضايا الكبرى فى كليهما معناه أن تتوارى فى الاهتمام العالمى، وعلى رأسها قضية تغير المناخ التى صارت تمثل، حسب العلماء، «تهديدا وجوديا» للبشرية.

والمفارقة الجديرة بالتأمل أن القضية الأهم المسؤولة عن صعود نجمى جونسون وترامب تظل غائبة بشكل شبه كامل عن الإعلام.

فصعود ترامب كان سببه تلك الفجوة الهائلة، والتى تزداد تفاقما فى الولايات المتحدة بين من يملك ومن لا يملك. فالاقتصاد الرأسمالى فى طبعته النيوليبرالية نتج عنه مظالم كبرى، عبرت عن نفسها فى شكل غضب واضح أسهم كثيرا فى صعود ترامب، خصوصا أنه حمّل نتائجها للأقليات، لا لطبيعة تلك السياسات الاقتصادية.

وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى الذى كان أحد أسباب صعود بوريس جونسون كان هو الآخر مدفوعًا بالقلق من تفاقم تلك الفجوة والتى تم اعتبرت سياسات الهجرة التى يتبعها الاتحاد الأوروبى هى المسؤولة عنها. لكن الإعلام الذى تموله الكيانات العملاقة وأصحاب المليارات فى العالم لن يتطرق بالقطع لمثل تلك الفجوة.

About this publication