Gadhafi Gets His Way, and So Do Americans

<--

المنجم القذافي

قرار الولايات المتحدة اعادة العلاقات الديبلوماسية مع ليبيا يؤشر لبداية ما يمكن تسميته عصراً ذهبياً في العلاقات بين البلدين.

هذا تماما ما كان يريده العقيد معمر القذافي وينتظره منذ أواخر 2003 عندما قام بقفزته الدراماتيكية التي حولته من عدو للغرب الى صديق يتمتع بقابلية لا تضاهى للتأقلم مع طلباته. وتماما ما كانت تريده اميركا وما انتظرت اللحظة المناسبة لاطلاقه.

صحيح ان كثيرين يقرأون في القرار مكافأة للقذافي على استسلامه للغرب، وان كثيرين في اميركا يروجونه دليلا على ان السياسة الاميركية فيها من الثواب مثل ما فيها من العقاب اذا غيّرت الدول التي تعتبرها مارقة سلوكها واظهرت استعدادات ايجابية، على امل ان تصير ليبيا القذافي نموذجا لانظمة مثل ايران وكوريا الشمالية. وصحيح ايضا ان ادارة بوش تضفي جديتها المعهودة على القرار الذي اتخذته بعد “مراجعة دقيقة لسلوك ليبيا” وخصوصا في مجال حقوق الانسان ومكافحة الارهاب والاستعدادات للاصلاح الداخلي.

لكن “مكافأة” القذافي هي من باب تحصيل الحاصل بتعويم نظامه ومساعدته على فتح الاقتصاد الليبي. وهي ليست رداً على الخدمات التي قدمها للغرب بقدر ما هي عربون لما سيكون مردود المصالح المشتركة مستقبلا.

وهذه المصالح تتجاوز كل الكلام السياسي لتتجسد في منجم الفرص الذي فتحه القذافي امام الشركات الاميركية. وما رفع اسم ليبيا من لائحة الدول الراعية للارهاب إلا ايذان بالافتتاح الاميركي الرسمي لهذا المنجم.

ومنجم القذافي اليوم ارض خام. تختزن اكبر احتياط نفطي مثبت في افريقيا وثامن احتياط عالمي ( 39 مليار برميل بحسب ارقام اوبيك) وقد تركت سنوات الحصار والعقوبات صناعة النفط متخلفة تكنولوجياً. وتأمل ليبيا في ان تزيد انتاجها من 1،6 مليون برميل يوميا الان الى مليوني برميل بين 2008 و2010 وثلاثة ملايين برميل يوميا في 2015. وهذا يتطلب بحسب التقديرات استثمارات قيمتها 30 مليار دولار في السنين التسع المقبلة ترغب فيها ليبيا من اميركا.

لكن اميركا لا تريد اقناعا. فبعدما رفعت الحظر عن السفر الى ليبيا في 2004، عادت اربع شركات نفطية اميركية اليها لتجدد امتيازاتها حتى 2034 وتدفع مليارات الدولارات وتكون شريكا بنسبة 40% لشركة النفط الوطنية. وقد بدأت “اوكسيدنتال بتروليوم” و”كونوكو فيليبس” و”ماراثون اويل” و”اميرادا هس” بجني الارباح وبمضاعفة احتياطها النفطي في سنة.

ومع ان اميركا لا تتوقع ان تسيطر على صناعة النفط الليبية بسبب المنافسة الاوروبية هناك، فانها بالتأكيد تريد قطع الطريق على الشركات المنافسة الآتية من الصين والهند وماليزيا وفنزويلا.

هذا في النفط. ولكن في ليبيا ثروة من الغاز صارت اكثر جاذبية مع ازدياد الطلب عليه وخصوصا من الاسواق الاسيوية، وستوفر هذه الصناعة فرصا هائلة للعمل.

وفي مقابل الثروة الطبيعية هناك “ثروة” اخرى. كل شيء في ليبيا يحتاج عمليا الى اعادة بناء لتدخل العصر الذي بقيت خارجه طويلا، كل البنى التحتية من مدارس ومستشفيات وشبكة الكهرباء والامدادات الصحية والمرافئ ومعالجة المياه والاتصالات والزراعة والطيران والدفاع وغيرها.

وليس مصادفة ان تكون الدولتان تعدان لمشروع “ليبيا 2006” قبل اعادة العلاقات بكثير، وهو معرض للبنى التحتية والطاقة والنفط والغاز تستضيفه طرابلس في كانون الاول وسيكون، بحسب ادارة بوش، “فرصة ممتازة للشركات الاميركية لتعرض منتجاتها وخدماتها”.

المهم بالنسبة الى القذافي انه بدأ يحصّل مكافأة الغرب له، وبالنسبة الى اميركا ان المنجم انفتح وفيه كل ما يشتهيه قلب الشركات الاميركية. اما “ترويج الديموقراطية” فله وقته.

About this publication