إدارة أوباما تتآمر لتقسيم السودان * زياد أبو غنيمة
أنا من الجيل الذي أدرك المرحلة التي كانت فيها مصر والسودان دولة واحدة ( 1821 ـ 1956 م ) وكان يطلق على ملك مصر لقب ملك مصر والسودان ، وبعد ثورة 23 يوليو 1952 م التي أنهت حكم الملك فاروق تصاعدت الدعوات لترسيخ الوحدة عمليا بين مصر والسودان ، وتلقى السودانيون الدعوة للوحدة بحماس شديد لأن والدة قائد الثورة اللواء محمد نجيب كانت سودانية ، واستقبل السودانيون مبعوث الثورة الصاغ صلاح سالم بحفاوة شديدة وألهب مشاعرهم عندما شاركهم بصدره العاري رقصهم التقليدي على قرع الطبول ، ولكن سرعان ما تنبَّـه الإنجليز الذين كانت جيوشهم لا تزال تعسكر في مصر والسودان إلى ما يُـشكـًّـله تحقيق الوحدة الحقيقية العملية بين مصر والسودان في ظل ثورة ترفع شعارات العروبة ومعاداة الإستعمار من خطر على مصالحهم ومصالح حلفائهم الغربيين ، وتماهى شعور الإنجليز بالخطر مع شعور الصهاينة وكيانهم المغتصب لفلسطين فالتقيا وبدعم من الأمريكان على ضرورة إفشال محاولة توحيد مصر والسودان في دولة واحدة ، ومن المؤسف أنهم نجحوا في ذلك من خلال الحزب الذي رفع شعار الوحدة وتسمَّى باسمها وهو الحزب الوطني الإتحادي الذي حصل على الأغلبية في إنتخابات نيابية سكت عنها الإنجليز لغرض في نفس يعقوب لإفشال الوحدة بين مصر والسودان ، وتولى الأزهري رئاسة حكومة سكت عنها الإنجليز ، ولم يلبث أن قدم مشروع قانون للمجلس النيابي السوداني باستقلال السودان نهائيا عن مصر وافق عليه المجلس بالإجماع .
الآن تتكرَّر الصورة من جديد لغرز خنجر جديد في وحدة السودان من خلال التآمر لفصل جنوبه عن شماله ، ولم يعد خافيا أن إدارة أوباما تمضي بإصرار مريب في تماهيها اللامحدود في التخندق إلى جانب الصهاينة وكيانهم المغتصب لفلسطين في الحرب ضدَّ العرب والمسلمين وتدعم بلا حدود مؤامرة تقسيم السودان عبر تصريحات متزامنة من أوباما ونائبه ووزيرة خارجيته والعديد من أعضاء الكونغرس من النواب والشيوخ عن انحيازها السافر الماكر إلى مؤامرة تقسيم السودان ، ولا أظننا نحتاج لكثير ذكاء لندرك أن تقسيم السودان وفصل جنوبه عن شماله هو حاجة ملحة ومصلحة حقيقية للصهاينة وكيانهم للضغط على مصر في موضوع المياه من خلال حكومة الجنوب التي تؤكد كل المعطيات والمؤشرات أنها ستكون صنيعة صهيونية أمريكية .
ومن المؤسف أنه رغم إنخراط إدارة أوباما في مؤامرة تقسيم السودان ، إلى جانب إنخراطها في مؤامرة محاولة إنهاء القضية الفلسطينية لصالح الصهاينة وكيانهم ، إلى جانب إيغالها في دماء وأعراض ملايين العرب والمسلمين من العراق إلى أفغانستان إلى لبنان إلى الصومال إلى … إلى … ، إلى جانب تعاظم مظاهر العداء للعرب وللمسلمين في المجتمع الأمريكي ، رغم كل ذلك ما زال بعض الأعراب والمسلمين بالإسم يعتبرون أوباما وإدارته صديقا يضعون في سلته كل بيضهم .
هل تذكرون ما كتبته في ( الدستور ) عندما بدأ أوباما حملته الكرنفالية لتحسين صورة أمريكا لدى العرب والمسلمين ، كتبت بالحرف الواحد : ( إن الخل هو أخ الخردل ، وإن أوباما وسلفه بوش هما وجهان لعملة أمريكية واحدة مكتوب على وجهيها ( أمريكا .. في خدمة الصهيونية ) .
ومن باب :”فذكـًّـر إن نفعت الذكرى”أذكـًّـر بأنني أحتفظ في إرشيفي بصور لبوش الجمهوري وأوباما الديمقراطي وهما يقدمان أوراق إعتمادهما في خدمة المشروع الصهيوني أمام حائط البراق الشريف الذي إغتصبه الصهاينة وزعموا أنه مبكاهم المفقود .
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.