دخلت أميركا في سباق محموم مع اسرائيل لرفض قبول فلسطين عضوا كامل العضوية في منظمة اليونسكو، وتجاوزت أميركا إسرائيل بمراحل في السباق نحو الرفض المحموم. تصريح البيت الأبيض بأن قبول فلسطين سيقوض عملية السلام ويؤثر على مستقبل المنطقة، تصريح يحمل في طياته استغفالا ليس لذاكرة العالم من أدناه الى أقصاه، إنما لذاكرة البيت الأبيض نفسه . فقد فشل الرئيس الأميركي أوباما وإدارته، ومن ورائهم الاتحاد الأوروبي الذي انقسم على نفسه في عملية التصويت واللجنة الرباعية، في إجبار نتنياهو على اتخاذ خطوة واحدة جادة نحو السلام، أو وقف الاستيطان على أقل تقدير. ونسي الرئيس الأميركي كل تعهداته ووعوده، وتراجع بسهولة غريبة عن آماله التي أعلنها مرارا عن إقامة الدولة الفلسطينية في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الحالي، واستدار حول نفسه بزاوية حادة، ليقلب موقفه وإدارته إلى رفض كامل لقبول فلسطين في إحدى منظمات الأمم المتحدة. وهي عضوية لا تعني شيئا ملموسا على الأرض أكثر من الانتصار المعنوي. وازداد شطط الإدارة الاميركية بإعلانها المتشنج عن وقف تمويل اليونسكو، عقابا لها. وهو موقف يضر بأميركا نفسها أكثر مما يفيد إسرائيل. وقد ارتفعت أصوات داخل أميركا تطالب بالعدول عن هذا القرار المستند إلى تشريع صادر في التسعينيات من القرن الماضي، يقضي بمنع تمويل أي منظمة تقبل عضوية فلسطين، وينطلق هؤلاء من حرصهم على بقاء النفوذ الأميركي، وخوفهم من فقدان صوت أميركا وتأثيرها في الوكالات التابعة للأمم المتحدة ودورها في خلق فرص العمل والاستثمار وفرض سياستها في الأمن والسلام العالميين.من الواضح أن الكونغرس الأميركي الخادم الأمين لمصالح إسرائيل، عندما استصدر هذا التشريع لم يكن يضع أمام عينيه سوى مصلحة إسرائيل، ضاربا عرض الحائط بمصالح أميركا نفسها وسمعتها وهيبتها. من الواضح أن الرئيس الأميركي باراك أوباما وإدارته عندما سارعوا إلى رفض قرار اليونسكو وسحب التمويل، كانوا يربطون مصالحهم مع المصالح الإسرائيلية، خصوصا أن الانتخابات الأميركية باتت على الأبواب، وأوباما بحاجة إلى أصوات اليهود ومناصريهم لتأمين فوزه لولاية ثانية.ومن الواضح أن الإدارة الاميركية لا تقيم وزنا للدول العربية، رغم مصالحها الهائلة على أرضها، ولا تقيم وزنا لأصوات الناخبين العرب في أميركا.هذا الموقف يقودنا الى تساؤلات، يبدو أولها كالجدل البيزنطي، وهو سؤال قديم متجدد؛ من يقود الآخر، ومن يسيطر على الآخر هل تقود أميركا طفلتها المدللة، أم أن الطفلة التي تعتاش على أموال دافع الضرائب الأميركي هي التي تفرض هيمنتها على القوة العظمى في العالم؟ الإجابة واضحة من الموقف الأمريكي؛ ولكن السؤال الأهم، كيف ستكون ردة الفعل العربية على الاستهانة الأميركية بالعرب وحقوقهم، وهل ستقوم بدورها بتغطية العجز المالي لدى المنظمة الدولية، وهي قادرة على ذلك، وقادرة على رد الغطرسة الأميركية إلى نحرها؟ ولكن السؤال الأكبر، هل تملك الرغبة والارادة خصوصا أن أي ردة فعل لم تصدر عن أي دولة عربية حتى الآن سوى عن مجلس النواب الأردني وأمين عام الجامعة العربية.. وإذا امتلكت، هل تملك القرار؟
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.