America Outside the Law!

<--

ينما ذهبت الولايات المتحدة بقوتها العسكرية فانها تترك وراءها فوضى عارمة وعنفا مقيتا. فالعراق الجديد يغرق يوميا في حمامات الدم جراء العمليات الارهابية التي تستهدف كافة أطياف المجتمع الذي لم ينجح حتى اليوم في الخروج من ازماته المتفاقمة، ومستقبل البلاد مظلم ومرعب في غياب التوافق السياسي. وافغانستان، وبعد أكثر من عشر سنوات على الغزو الاميركي الاطلنطي، تغوص في مستنقع من العنف والقتل والفساد والارهاب. ومع ذلك تأتي وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لتعلن من كابول ان افغانستان حليف رئيسي لها، وكأن هذا هو ما يهم الشعب الافغاني الذي لا يزال يعاني ويلات الفقر والجهل والتطرف.

وبعد ان اعتذرت السيدة كلينتون لباكستان عن قتل أكثر من عشرين جنديا باكستانيا بطريق الخطأ في غارة لطائرة بدون طيار قبل أشهر، تستمر الادارة الأميركية في شن غارات على مناطق حدودية تزهق ارواح العشرات معظمهم من الابرياء. اميركا حليف اقرب منه الى العدو. الافغان طالبوا واشنطن مرارا بوقف هجمات طائرات «درونز» التي قتلت نساء وأطفالا ودمرت خيام اعراس وبيوت عزاء، لكن الرئيس اوباما يرفض ذلك، بل ويطلق هذه الطائرات في سماء اليمن والصومال وحتى الفلبين رغم اعتراف الجنرالات بأن نسبة الاضرار التبعية (اي القتلى المدنيين) عالية في معظم الاحيان.

اميركا قوة عمياء طليقة السراح في هذا العالم، وهي اليوم تمثل ابشع مثال على نظام يدعي الديمقراطية واحترام حقوق الانسان بينما يدينه اقرب الناس اليه. قبل أيام نشر الرئيس الاسبق جيمي كارتر مقالا في صحيفة «هيرالد تربيون» اتهم بلاده صراحة بالتخلي عن دورها التاريخي في الدفاع عن حقوق الانسان حول العالم. بل انه تجاوز ذلك ليقول بملء الفم ان سجل اميركا الحالي معيب وانها فقدت السلطة المعنوية للتحدث عن حقوق الانسان وعن صون الحريات الشخصية حتى في الداخل الاميركي.

يشير كارتر، الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2002، الى سياسة الاغتيال الرسمية التي تتبعها الادارة الاميركية خارج اراضي الولايات المتحدة والتي تبيح قتل مواطنين اميركيين. كما يشير الى قانون جديد تم اعتماده مؤخرا يمنح الرئيس سلطة احتجاز اشخاص، حتى لو كانوا اميركيين، الى اجل غير مسمى بدعوى الشك في ارتباطهم بمنظمات ارهابية، ودون رقابة من الكونغرس او المحاكم الفيدرالية.

اضافة الى ذلك فان قوانين اخرى تم تمريرها بعد هجمات سبتمبر الارهابية تخرق الحريات الشخصية للمواطنين وتبيح مراقبة الاتصالات والمراسلات الالكترونية دون اذن قضائي، من قبل الوكالات الاستخباراتية بدعوى حماية الأمن القومي. وهناك معتقل غوانتانمو الاشهر الذي وعد اوباما باغلاقه ولم يفعل والذي تمت فيه عمليات تعذيب بغرض الحصول على اعترافات. يقول كارتر ان نصف المحتجزين هناك، ويبلغ عددهم 169 تم تبرئتهم ومع ذلك فانه من غير المحتمل اطلاق سراحهم. اما الباقون فانهم سيقضون بقية حياتهم في المعتقل دون ان توجه لهم تهم او يعرضوا على محاكم.

كانت اميركا من الدول الراعية للاعلان العالمي لحقوق الانسان في عام 1948 لكنها اليوم تخرق معظم بنود هذا الاعلان وقد اعمتها قوتها العسكرية وغرورها الذي يضعها فوق المحاسبة أو المساءلة. يقول كارتر ان سجل الولايات المتحدة المخزي يؤكد انها تمضي بعكس اتجاه التاريخ بعد ان ثارت شعوب العالم مطالبة بالحرية والعدالة والديمقراطية. وبدل ان تقدم اميركا نفسها كمثل اعلى لباقي دول العالم فانها تخلق المزيد من الاعداء وتحرج اصدقاءها بضربها عرض الحائط روح ومضمون الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

About this publication