في مؤتمره الصحفي الوداعي عشية مغادرته البيت الأبيض، قدم أوباما مجموعة من النصائح والتوصيات لخلفه دونالد ترامب، تتركز بمعظمها حول السياسة الخارجية، والشرق الأوسط خصوصاً، معتبراً أنه قدم أفضل ما يمكن أن يقدمه للفريق القادم خلال العملية الانتقالية، ولكن هل ستجد نصائح أوباما آذاناً صاغية لدى ترامب وفريقه الجديد؟
في خضم التوقعات، يترقب العالم كيف سيستهل ترامب عهده الجديد، في ظل مواقفه وسياساته المعلن عنها، والتي أثارت الحيرة والارتباك والبلبلة لدى الأصدقاء قبل الأعداء، وما إذا كان سينتج عن هذه المواقف تغيير في التحالفات القائمة منذ عقود، كما هي الحال بالنسبة للاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو»، أو في العلاقات الدولية كما هي الحال بالنسبة لروسيا والصين وإيران وقضايا المنطقة. ما يلفت الانتباه هنا، هو ما قاله أوباما حول العلاقة التنافسية مع روسيا، وتوضيحه بأن من مصلحة واشنطن والعالم إقامة علاقات بناءة مع روسيا، مذكراً بأنه حاول في مستهل عهده تحسين العلاقات بين الجانبين، لكن الأزمات الدولية وعودة روح المنافسة بينهما إلى فترة الحرب الباردة زادت من تعقيد العلاقات بين الجانبين. ومع ذلك تمنى أوباما أن ينجح ترامب في تحقيق هدفه بتقليص الأسلحة النووية مقابل رفع العقوبات الأمريكية عن روسيا.
غير أن الأهم بالنسبة لنا، هو تركيز إدارة أوباما، في أيامها الأخيرة، وهو شخصياً، على الصراع العربي «الإسرائيلي» والقضية الفلسطينية، حيث شدد أوباما على أن هذا الصراع لا يمكن تسويته من دون إقامة دولة فلسطينية كاملة، معتبراً أن الوضع الراهن سيئ حتى بالنسبة لأمن الولايات المتحدة. وبرر عدم استخدام «الفيتو» ضد قرار الاستيطان في مجلس الأمن، بأن واشنطن لجأت إلى هذه الخطة «بغرض توفير أرضية للتسوية»، وأنه كان يريد توجيه رسالة واضحة مضمونها أن «هذه التسوية ربما تكون في سبيلها للضياع». كما اعتبر أن نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس، سيفجر الوضع في المنطقة ويؤدي إلى تراجع فرص «حل الدولتين».
هذه بعض وصايا أوباما التي تحتم طرح السؤال، أين كانت إدارته من هذا الكلام طوال السنوات الثمانية السابقة، ولماذا يترك هذه الرسائل لخلفه، بدلاً مما كان يفترض أن يقوم به. من الواضح أن ترامب ليس معنياً بنصائحه، ولقد رد على ذلك بأنه سيفي ب «تعهداته» للكيان وفي مقدمتها نقل السفارة إلى القدس، فهل كان أوباما يريد أن يسجل موقفاً للتاريخ، أم أن هذه هي طبيعة السياسة الأمريكية في إدامة الصراع.. لننتظر ما الذي ستفعله إدارة ترامب!
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.