As U.S.-Iran Game Plays Out, Lebanon Holds its Breath

<--

رفيق خوري

ضجة لبنانية في الوقت الضائع

العالم العربي، لا لبنان وحده، محكوم باللعب في الوقت الضائع. وهو بالطبع الوقت الذي توظفه أميركا وإيران في فن ما قبل التفاوض على (الصفقة الكبرى) وسط الإيحاء أن (المواجهة الكبرى) لا تزال بين الخيارات. فلا واشنطن تنسى التلويح بالعصا، وهي تضيف الى (سلة الحوافز) المقدمة باسم الكبار وعوداً بفتح باب الاتصال بين الأميركيين والإيرانيين في مجالات (التعليم والثقافة والسياحة والرياضة). ولا طهران تجهل، وهي تسخر من العصا قائلة إن (زمن التهديد ولّى)، ان مثل هذا الاتصال يحمل الكثير من المخاطر على المجتمع الإيراني الذي تدفعه الضغوط الخارجية الى الالتفاف حول النظام، في حين يأخذه الانفتاح الى المطالبة بتغيير المناخ المتشدد في الحياة الداخلية. ولا هما معاً على طريق التفاوض حول موضوع واحد هو الملف النووي. إذ على جدول الأعمال كل شيء تقريباً: ضمان النظام وشرعية الدور الإقليمي في نظام أمني يمتد من الخليج الى المتوسط. فضلاً عن ان التنافس بين أميركا من جهة وبين روسيا والصين من جهة أخرى على اللعبة مع إيران هو واحد من العوامل المؤثرة في ما يتجاوز اللعبة الحالية. ومن الطبيعي أن تبحث كل دولة عن دورها وما يحفظ نظامها حسب المبدأ القائل (عند تغيير الدول احفظ رأسك). ونحن في مرحلة الجمود التي تسبق تغيير الدول، أو أقله في مرحلة الانتقال مما يسميه النائب الأسبق لوزير الخارجية الأميركي ريتشارد أرميتاج سياسة (تغيير النظام) الى سياسة (نظام متغير). ومع ان الجمود يغري بالهدوء، فإنه يغري أحياناً بالضجيج، كما في حال لبنان. فهو يحاول عبثاً ملء الفراغ السياسي بالكثير من خطب السياسيين. وهو يبحث عن مبادرة عربية لترتيب علاقاته مع سوريا، في حين ان عواصم المبادرة المطلوبة مشغولة بالترقب والتحسب، وان دمشق مشغولة أيضاً بالموقع والدور عشية المتغيرات.

وإذا كانت ضجة القمة الفرنكوفونية بدت عالية بسبب الفراغ السياسي وأخذت السجال الى الخطوط الطائفية والمذهبية كالعادة، فإن القمة الأميركية – الأوروبية، كانت فرصة أمام الرئيس جورج بوش لتسليط الأضواء على أمرين: أولهما الإيحاء أن الموقف الدولي موحد في الموضوع الإيراني وحتى في ثنائية (العصا والجزرة). وثانيهما الرد على الانطباع السائد أن الاهتمام الدولي بلبنان خف كثيراً بالقول (إن الأميركيين والأوروبيين لن يرتاحوا حتى يتمتع اللبنانيون باستقلالهم الكامل). ولم يكن (ملحق) هذا الرد سوى الإشارة الى أن الاهتمامات المتعددة والمتغيرات المفترضة لن تغير النظرة الى لبنان ودوره كنموذج ديمقراطي، وسط التأكيد في القمة الأميركية – الأوروبية (ان تقدم الديمقراطية أولوية استراتيجية).

ولا أحد يجهل أن هذا الكلام الذي يريح البعض ويدفعه الى زيادة الرهان عليه، يخيف البعض الآخر الذي يرى (مؤامرة) دولية لنقل الوطن الصغير الى موقع مختلف. والسؤال ليس فقط متى يكتمل استقلال لبنان الذي يتعرض لضغوط في اتجاه معاكس بل أيضاً متى يكتمل (استقلال) اللبنانيين. لا فقط (استقلالهم) عن القوى الإقليمية والدولية التي لها (أنصار) محليون بل أيضاً (استقلال) اللبناني الفرد عن الأحاديات الطائفية والانتقال من خانة (الرعايا) الى خانة (المواطنين). فماذا يعني حديث الاستقلال في غياب الدولة? ومَن يضمن التوصل الى وفاق وطني في مرحلة اللعب في الوقت الضائع ثم الى دولة حين ينتهي الوقت الضائع?

ما نسمعه مخيف. وما نراه مقلق حتى في الأمور العادية.

About this publication