حياتنا – حافظ البرغوثي
نازية
لعله من العبث اعادة تناول موضوع حرية التعبير بعد نشر الرسومات المسيئة للرسول الكريم.. وبعد طوفان الديمقراطية الغربية على العالم العربي والاسلامي حيث نرى آثارها على شكل جثث واشلاء وتوابيت وقبور. لكن ما يحدث في الولايات المتحدة مع اسرائيل يثير أكثر من تساؤل. فثمة فيلمان في هوليوود احدهما للمخرج اليهودي الاميركي ستيفن سبيلبرغ حول عملية ميونيخ التي قتل فيها رياضيون اسرائىليون اغلبهم برصاص البوليس الالماني وليس رصاص المهاجمين ورد فعل اسرائىل عليها باغتيال فلسطينيين في الخارج لا علاقة لهم بالعملية.. وثمة فيلم فلسطيني للمخرج هاني ابو اسعد حول اللحظات الاخيرة لفدائيين. والفيلمان يثيران حفيظة اللوبي اليهودي المعادي للسلام. لانهما يثيران تساؤلات حول القضية الفلسطينية ويدفعان المشاهد الى اثارة اسئلة ذاتية موضوعية وهو ما يكشف زيف الكثير من الاباطيل الاحتلالية، وأثار اعداء الحرية والسلام ان عدم وجود فلسطين كدولة يجب ان يتبعه اخراج الفيلم الفلسطيني من المسابقة.. لأنه يرسخ وجود فلسطين.. وهذا عذر اقبح من ذنب.. لأن الاسرائيليين يقتلوننا يوميا ومع ذلك يقولون انه لا يوجد شريك فلسطيني فهم لا يريدوننا شركاء في الحياة بل في الموت.
انه منطق اعوج واهوج وافحج ولعل اهميته تأتي في وقت تثار فيه موضوعة حرية التعبير التي يستتر بها الغرب الاميركي والاوروبي لاخفاء عوراته وذئبيته واستبداده ضد الآخرين. ولعل القشة التي قصمت ظهر البعير هي الغاء مسرح في نيويورك لعرض مسرحي عن الناشطة الاميركية التي داستها جرافات الاحتلال في رفح الشهيدة راشيل كوري وبحجة ان الجالية اليهودية هناك تعيش حالة توتر بسبب مرض رئيس الوزراء شارون. مع ان الاخير هو الذي قتل راشيل. ومن الممكن عرض المسرحية في تل ابيب دون ضجيج.
أي قبح هذا الذي يسود العالم الغربي، وأية بشاعة هذه التي يمارسها الغرب ضد المبادئ الانسانية والثقافة وحرية التعبير، اذ ثمة نازية فكرية جديدة بدأت تهيمن على الغرب ولكنها لا تجاهر بنازيتها الشمولية وانما تمارسها فعلا، ولست ارى في كثير من صغار وكبار المسؤولين الغربيين إلا نماذج هتلرية مستنسخة، وصارت الكثير من المؤسسات الغربية وكأنما تدار بواسطة الجستابو والإس الإس. واذا ظن اليهود انهم في مأمن من هذه النازية التي يتم توجيهها نحو شعوب دول العالم الثالث واللاتينيين فانهم مخطئون فلا يمكن للمشاعر النازية الذئبية الا ان تتجه ضدهم ذات يوم. ولا يغرنهم ما لهم من نفوذ في الغرب لأن الفكر المحافظ الجديد مشتق اصلا من بقايا الفكر النازي ولديه نظرية التفوق الاري تحت مسميات جديدة.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.