الأسئلة الحرام..!
يقول المثل العراقي القديم: اللي ضيع ذهب.. في سوق الذهب يشراه, واللي ضيع حبيب.. يمكن سنة وينساه, لكن اللي ضيع وطن.. وين الوطن يلقاه؟ وهاهم العراقيون مع ذلك ـ ورغم أن المثل عراقي! ـ ضيعوا العراق( وأي وطن أضاعوا!) السنة يقتلون الشيعة, والشيعة يذبحون السنة, والأكراد يدبرون للانفصال بالشمال بدعوي الفيدرالية.. وغير بعيد, وعلي مرمي حجر, يقف أشقاء الدين الإيرانيون يتحينون الفرصة للانقضاض, بينما إسرائيل تكاد تستلقي علي قفاها من الضحك علي خيبتنا, وخيبة الإدارة الأمريكية التي انغرست( بفعل فاعل!) في رمال العراق المتحركة غير قادرة علي الخروج.
ومن بطن الخيبة تولد الأسئلة الحرام: أما كان من الأفضل للعراق والعراقيين والعرب جميعا( بل وربما لأمريكا نفسها!) أن يبقي صدام حسين في الحكم؟ ماذا تقول؟ هل كان يبقي رغم التعذيب والمذابح والدم المسفوح والمقابر الجماعية؟ ونرد: وهل توقف نزيف الدم الوحشي وامتنع التعذيب؟
.. ماذا تقصد بالله عليك؟ هل تحاول القول إن وجود الديكتاتور شرط ضروري وكاف لبقاء الوطن؟ لايمكن لعاقل أن يقبل هذا المنطق, وإلا فليذهب الوطن ـ أي وطن وكل وطن ـ إلي الجحيم إذا اختزله الديكتاتور ليصبح سجنا كبيرا ملعونا تحيطه أسوار الغل والحقد والكراهية, وتترمل فيه الزوجات, وييتم الأبناء والبنات, وتتحول الأمهات إلي ثكالي.
وعلي افتراض أن تعطلت عجلة الزمان عن الدوران, وتجمدت حركة التاريخ, وتوقفت عقارب الساعة, واستمر صدام يحكم, هل كان حال العراقيين, سيكون أفضل؟ أبدا. تجارب الماضي تعلمنا أنه لا خير في بلد يحكمه ديكتاتور همجي متعطش للدماء يأخذ شعبه من حرب إلي حرب ليموتوا ويبقي هو!
إذن فنحن أمام خيارين كلاهما مر: أن يبقي الوطن بشرط أن يحكمه ديكتاتور, أو أن يختفي الطاغية فيختفي باختفائه الوطن! ألا من خيار ثالث؟ بلي هناك بديل جميل وناجح ولا خيار غيره( لو تعلمون!).. وماهو؟
أن يمسك ناس هذا الوطن( أيا كان اسمه عراقا أو غير عراق) مقاديرهم بأيديهم ويقررون هم بأنفسهم لأنفسهم ماذا يريدون. سيقول قائل: ألايحتاجون حينئذ لبطل مغوار مهيب ركن يقودهم؟ لا.. وألف لا, فليذهب جميع الأبطال إلي مذابل التاريخ, ولنكن نحن كلنا أبطالا, ساعتها لن يضيع منا الوطن, بل علي العكس سيصبح أجمل وأأمن. فهل وصلتكم الرسالة أيها العراقيون؟
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.