Oh, America … Oh, Empire of Contradictions

<--

علامات على الطريق – يحيى رباح

أميركا والديمقراطية!!!

نفت “كونداليزا رايس” التوقعات التي انتشرت على نطاق واسع، بأن الولايات المتحدة الأميركية سوف تتراجع عن دعمها للديمقراطية في العالم، بسبب أن الديمقراطية تدفع إلى سدة الحكم بأحزاب وأطراف لا ترضى عنها أميركا!!!

إذا كان ذلك صحيحا، أي إذا أصرت الولايات المتحدة على دعم الديمقراطية في العالم!!! فسوف نكون أسعد الناس حقا، ولكننا مع الأسف الشديد، ننظر حولنا، ونرى العكس تماما، بأن الولايات المتحدة الأميركية لها ديمقراطيتها على طريقتها الخاصة، فهي تدعم هذا الطرف وتواجه ذاك، تساعد الثورات البرتقالية في العديد من دول العالم ولكنها تحاصر وتقاطع وتقاتل التجارب الديمقراطية في بلدان أخرى، وخير مثال على هذه الانتقائية، وازدواجية المقاييس، والكيل بمكيالين، هو الموقف الأميركي من الديمقراطية الفلسطينية، التي هي أرقى أداء وشكلا ومضمونا من كثير من التجارب الأخرى، لكنها لم تلق من الولايات المتحدة الأميركية سوى الصد، والنكران، والتحريض، والتهديد، والمقاطعة.

فلقد جرت الانتخابات الفلسطينية برغبة أميركية واضحة، وبتشجيع أميركي علني، ورقابة أميركية قوية ولكن حين ظهرت النتائج المتوقعة والتي كانت تدل عليها علامات كثيرة، حين حدث ذلك، وجدنا راعية الديمقراطية العالمية تنقلب على ديمقراطيتنا الفلسطينية، وتعاقب شعبنا كله على خياره الديمقراطي، وتضع في طريق النظام السياسي الفلسطيني كله المزيد من العقبات الكأداء، بل أكثر من ذلك، إنها تدعو المجتمع الدولي كله أن يحذوا حذوها، ولا تكتفي بما تفعله هي بيدها!!

وبطيعة الحال، فإن ازدواجية المعايير لدى الولايات المتحدة لا تقتصر على الديمقراطية وهمومها ومجالاتها الواسعة، وإنما ازدواجية المعايير تتسع أكثر لتصل هذه الأيام بالتحديد إلى ساحة الخطر الذي يتهدد الحياة البشرية فوق هذا الكوكب، وأعنى به السلاح النووي، ففي الوقت الذي تقود فيه الولايات المتحدة حربا طاحنة ضد المشروع الوطني الإيراني، وضد مجرد إرهاصات موجودة لدى بعض الدول العربية، فإنها تعقد وعلى المكشوف صفقة نووية مع الهند!! وتدافع بحرارة منقطعة النظير عن الإنتاج النووي الإسرائيلي!! بل أكثر من ذلك، فإن الولايات المتحدة الأميركية تقوم بتدمير دول وشعوب وأمم على أساس النية فقط، أي أن هذه الدول والشعوب والأمم تنوي في المستقبل امتلاك سلاح نووي!! فتقوم بحروب استباقية ضد هذه الدول والشعوب والأمم، وها هو العراق النموذج الصارخ لكل تجليات ازدواجية المعايير الأميركية.

ونعود إلى ساحتنا فإن حماس التي فازت بالانتخابات وشكلت الحكومة، لم تنزل علينا من كوكب آخر، بل هي جزء من هذا النسيج الفلسطيني، سواء كانت تحت اسم حركة الإخوان المسلمين، أو كانت تحت اسم حركة المقاومة الإسلامية، فهى كانت دائما هنا، جزء من النسيج، وجزء من تفاعل الحياة الفلسطينية، فلماذا هذا الموقف غير المفهوم وغير المبرر، وما هي عناصر الديمقراطية التي تريدها الولايات المتحدة، حتى تعرفها الشعوب سلفا، وحتى لا تدفع هذه الشعوب هذا الثمن الباهظ الذي تريده الولايات المتحدة، التي رأيناها دائما تمتلك القدرة على تفهم إسرائيل في أي فعل شاذ تقوم به حتى لو قتلت الفلسطينيين جهارا نهارا، أو سرقت أرضهم علنا، أو فرضت عليهم الحصار الخانق، وحولتهم إلى مناطق صغيرة معزولة بين كل منطقة وأخرى نقطة تفتيش، تتحول إلى معبر حدودي، بل إلى معبر دولي!!.

نعرف على وجه اليقين، أن للقوة منطقها الخاص بها، ولها ديمقراطيتها التي تخدم مصالحها ولها قانونها الذي لا يعترف بحقوق الضعفاء!! نعرف كل ذلك على وجه اليقين ولكن الذي لا نعرفه هو كيف تريدنا أميركا أن نصدقها حين تتحدث، وأن نثق بها حيث تعد، آه يا أميركا.. يا أمبراطورية التناقضات.

About this publication