Helen Thomas: A Troublemaking 84-Year-Old

<p>Edited by Louis Standish</p>

<--

آخــر تحديــــث 2006-04-06

ثمانينية مشاغبة تقود مراسلي البيت الأبيض

شخصيات … توماس هيلين صحافية ضد التيار

اشتهرت هيلين توماس عربية الأصل باسم سيدة الصحافة الأولى وعرفها الرؤساء الأمريكيون كمراسلة لوكالة “يونايتد بريس انترناشيونال” في البيت الأبيض على مدى سبعة وخمسين عاماً وأصبحت عميدة المراسلين الصحافيين في البيت الأبيض. وكان كل رئيس أمريكي يمنحها الفرصة لتسأل أول سؤال في مؤتمره الصحافي وكان عادة أعمق وأجرأ سؤال وخاصة عندما يتعلق الأمر بالقضايا العربية، وكانت تختتم كل مؤتمر بقولها: شكراً سيدي الرئيس. ورغم أنها تبلغ من العمر الآن أربعة وثمانين عاماً، إلا أنها مستمرة في عملها وإحراجها للساسة الأمريكان. ووصفت توماس هيلين بأنها فخر لكل العرب الأمريكيين ومصدر اعتزاز لكل الأمريكيين لأنها كانت عبر مشوارها الطويل في البيت الأبيض تدافع عن كل القضايا العربية.

إعداد: سامي سليمان

منذ الحرب على العراق وتوماس تتعرض لحملة كراهية شديدة، إذ يتهمها اليمين المتعصب بأنها كارهة لأمريكا وأنها ليست وطنية وبعضهم يطالب بأن تلقى خارج أمريكا ويحثون على قطع الاشتراك في الصحف التي تكتب فيها.

وصفت بوش بالديكتاتور وتشيني بالكاذب والصحافة الأمريكية بالمنحدرة والمسيسة، ولا تزال تطلق نيرانها الصحافية على السياسة الأمريكية حتى الآن. وبعد أن منعت لفترة من توجيه أسئلة للرئيس بوش منحها في أحد مؤتمراته أخيراً إذناً بالسؤال.

ولدت هيلين توماس في 4 أغسطس/ آب 1920 ونشأت في ديترويت في ميتشجان وتلقت تعليمها الإعدادي والثانوي في مدارسها العامة ثم التحقت بجامعة واين الحكومية وتخرجت في قسم الصحافة. وعملت في قسم الطباعة في مجموعة “مطبوعات هارتس” التي تحولت الى “واشنطن ديلي نيوز”.

بعد ذلك انتقلت توماس للعمل مراسلة ل “يونايتد بريس انترناشيونال” سنة 1943 وكان لهذه النقلة الدور الكبير في حياتها المهنية، ثم كتبت أخباراً للراديو وغطت بعد ذلك الأخبار الحكومية الفيدرالية بما في ذلك أخبار مكتب التحقيقات الفيدرالي “اف بي آي”.

في عام 1960 بدأت بتغطية أخبار الرئيس جون كيندي وتبعته الى البيت الأبيض عام 1961 كمراسلة لوكالة “يونايتد بريس انترناشيونال” وأصبحت تشتهر في المؤتمرات الصحافية الرئاسية بجملة: “شكراً سيدي الرئيس” التي كانت تنهي بها أسئلتها او مداخلاتها.

وكانت توماس المرأة الوحيدة العاملة في الصحافة المطبوعة كما رافقت الرئيس الراحل جون كيندي الى الصين خلال زيارة قام بها عام 1972.

وفي عام 1976 اختيرت توماس ضمن أهم 25 امرأة مؤثرة في الولايات المتحدة.

ومن المعروف عن توماس أنها رافقت عدداً كبيراً من الرؤساء منذ توليهم وحتى استقالتهم او وفاتهم، إذ جالت عبر أنحاء العالم برفقة نيكسون وجيرالد فورد وجيمي كارتر ورونالد ريجان وجورج بوش الأب وكلينتون وبوش الابن، وعملت على تغطية كل قمة او مؤتمر او اجتماع اقتصادي مهم.

وكتبت توماس عدداً من الكتب والمؤلفات منها “شكراً للمذكرات سيدي الرئيس” و”نباهة وحكمة من الصف الأمامي في البيت الأبيض”. عام 2002 قالت توماس لمجموعة من الصحافيين والساسة إنها بعد خبرتها الممتدة لخسمين عاماً تعتقد أن بوش أسوأ رئيس عرفته الولايات المتحدة في تاريخها.

ومع مطلع 2003 بدأت توماس بالرجوع من مكانها المعتاد في الصفوف الأمامية في المؤتمرات الصحافية لتجلس في الصفوف الخلفية، ولم تعد تقول جملتها الشهيرة: شكراً سيدي الرئيس، ولدى سؤالها عن سبب تراجعها هذا قالت توماس إن السبب يكمن في عدم حب الرؤساء لها.

ووصفت توماس ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي بالكاذب وقالت إنه في حال ترشحه لرئاسة البلاد وفوزه فإنها ستقتل نفسها لأنها غير قادرة على تحمل كاذب آخر.

تنتقد توماس سياسات الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة ووصفت الحرب الأمريكية الفيتنامية بالمستنقع، وقالت: إن إدارتي الرئيسين جونسون ونيكسون أصرتا على عدم سحب القوات الأمريكية خوفاً من الفوضى وحمامات الدم، وكانت النتيجة أن جونسون ونيكسون أغرقا الولايات المتحدة في بحر دماء ومات 58 ألف جندي أمريكي وقتل مئات الآلاف من الفيتناميين. وبرأيها فإن إدارة بوش تكرر السيناريو نفسه في العراق.

كما تعتقد هيلين توماس بأنه ومنذ هجمات سبتمبر/ أيلول أصبح الرئيس بوش ينظر الى كل من يعترض على سياسته وخاصة في العراق وفي الشرق الأوسط عموماً على أنه يقف مع الارهابيين، وإذا كان المعارض أمريكياً فإنه يوصف بعدم الوطنية. وقالت: إن ذلك المنطق العجيب سرعان ما أفقد أمريكا احترامها وهيبتها في العالم ونفى صفة الديمقراطية عن الولايات المتحدة.

ولا تستطيع توماس وصف سياسات الولايات المتحدة تجاه “اسرائيل” ومساعدتها على تهجير وقتل الشعب الفلسطيني او سياسة الغزو عموماً كما هو الحال في أفغانستان والعراق إلا بأنها غاشمة وظالمة ومستمرة منذ عهود رؤساء أمريكيين سابقين.

استغلا ل

من خلال عملها لاحظت توماس تدهور الصحافة الحرة والجريئة بشكل كبير وأنه خلال السنوات التي قضاها الرئيس بوش في البيت الأبيض أصيب الصحافيون الأمريكيون بما سمته نوعاً من الغيبوبة وتخلوا عن دورهم التقليدي في ممارسة مهام السلطة الرابعة بتوقفهم عن طرح الأسئلة العميقة والجريئة على المسؤولين في الخارجية والدفاع والبيت الأبيض. وقالت: إن العدوى سرعان ما انتقلت حتى الى وزير الخارجية السابق كولن باول الذي سمح للرئيس بوش باستغلال ما عرف عنه من صدق وما اتسم به في السابق من مصداقية ليضلل الشعب الأمريكي من خلال تبريره لشن الحرب على العراق خاصة في خطابه المشهور امام الأمم المتحدة.

وقالت توماس: إن الصحف الأمريكية الكبرى وعلى رأسها “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” سمحت لأشخاص مثل السياسي العراقي أحمد الجلبي باستخدامها لدفع بوش باتجاه الحرب على العراق، ولم تسمح للصحافيين بالتشكيك في ما حاول الرئيس تصويره على أنه أدلة دامغة على امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، او أنها تشكل خطراً محدقاً بالأمن القومي الأمريكي او علاقة النظام العراقي السابق بتنظيم القاعدة. بل أسهم الإعلام الأمريكي في ظل اتهام بوش لكل من يعترض بعدم الوطنية في الترويج للحرب ودق طبولها يوماً بعد يوم، وأغمض الجميع عيونهم عما ستلحقه تلك الحرب بالعراق من دمار وقتل ومعاناة لشعبه. وبرأيها فإن الصحافة الأمريكية تبارت في إطلاق الأوصاف على شعوب مسالمة كوصف “المتمردين والارهابيين والأعداء”، ونسي الصحافيون الأمريكيون أن المقاومة الأوروبية للغزو النازي كانت تحظى بآيات التكريم وأوصاف البطولة والفداء. وأشارت الى الصاق الإعلام الأمريكي في سنوات بوش أوصاف القتلة والارهابيين بالمقاومة الفلسطينية وعدم نشر صور ضحايا البطش “الاسرائيلي” بالأطفال والشيوخ والنساء في فلسطين ولا صور ضحايا القصف الأمريكي من المدنيين العراقيين.

وأشارت الى أنه فيما سمح الإعلام الأمريكي لنفسه في سنوات ما بعد هجمات سبتمبر/ أيلول بالدخول في تلك الغيبوبة ومارست مستشارة الأمن القومي الأمريكي كوندوليزا رايس ضغوطها على شبكات التلفزيون الأمريكية، ذهب وزير الخارجية الأمريكي كولن باول الى قطر ليطلب وقف ما تبثه قناة “الجزيرة” على الهواء من مواد تثير الرأي العام العربي ضد الولايات المتحدة. ونسي المسؤولون الأمريكيون في عهد بوش أن الدستور الأمريكي يكفل حرية الصحافة وحق التعبير، وكذلك تناسوا الدور الذي حدده الدستور الأمريكي للصحافة في كشف الحقيقة التي يجب أن تسود فمنعوا تغطية الصحافة الأمريكية لوصول أكفان الجنود الأمريكيين من العراق الى قاعدة دوفر الجوية.

ووصفت هيلين توماس حكومة الرئيس بوش بأنها من أكثر الإدارات الأمريكية كتماناً للحقائق واحاطة كل شيء بإطار كثيف من السرية، بل إن حكومة بوش تضع تحويراتها الخاصة حول كل تطور او خبر وتتعاون وسائل الإعلام الأمريكية مع وجهات نظر حكومة بوش.

ونبهت توماس الى أن البيت الأبيض شهد في فترات رئاسية متلاحقة فرصاً عديدة أمام الصحافيين الأمريكيين لطرح أجرأ الأسئلة على رئيس الولايات المتحدة، ومن دون هذه الأسئلة يمكن أن يتصرف الرئيس الأمريكي كأي ملك او دكتاتور، ولكن الرئيس بوش حرص على تقليل تلك الفرصة فلم يعقد منذ توليه السلطة في عام 2000 إلا ثلاثة عشر مؤتمراً صحافياً في البيت الأبيض، وهو عدد ضئيل للغاية على الرغم من سيل التطورات التي حدثت على كل الصعد بينما كان الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت يعقد مؤتمرين في البيت الأبيض كل أسبوع حتى في ذروة الحرب العالمية الثانية.

كما قالت توماس إنها منعت من طرح الأسئلة على الرئيس بوش بعد أن سألته: لماذا لم تحترم الفصل بين الدين والدولة بإنشاء مكتب ديني في البيت الأبيض؟

About this publication