مسعود عكو
كاتب عراقي
محمود أحمدي نجاد الرئيس الإيراني الذي أعلن قبل مدة أن بلاده انضمت للنادي النووي بعد أن استكملت دورة الوقود النووي يقول أن بلاده مستمرة في برنامجها حتي الحصول علي الوقود الصناعي, وأنه لشرف أن ينتهز فرصة الاحتفال بالمولد النبوي، ليعلن أنهم استكملوا دورة الوقود النووي من خلال تخصيب اليورانيوم, ولن يمنعهم الأعداء من الاستمرار في الطريق الذي اختاروه,أما علي أكبر هاشمي رفسنجاني رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران فقال إن بلاده نجحت في إنتاج الوقود النووي عبر تخصيب اليورانيوم, وأكد أنهم نجحوا في تشغيل الوحدة الأولي، التي تجمع 164 مركز قوة طاردة، وحصلوا علي المنتج الصناعي.
تسمح عمليات تخصيب اليورانيوم التي أعلنت طهران، أنها نجحت في القيام بها، بإنتاج الوقود لمحطة نووية مدنية، إنما كذلك بإنتاج المادة الانشطارية لشحنة قنبلة ذرية, وتستخرج إيران اليورانيوم من أراضيها, وهذا المعدن الرمادي اللون الصلب الموجود في الطبيعة مخلوط مع عدة معادن، هو عنصر مشع طبيعي يضم نظيرين هما “يو-238″ و”يو-235”. لكن النظير “235”، وهو الوحيد الذي يؤدي دوراً في تشغيل المحطات, وصناعة قنبلة علي حدٍ سواء لأنه قابل للانشطار، متوافر بنسبة ضئيلة جداً لا تتعدي 0.7%، ما لا يسمح باستخدامه بشكله الطبيعي.
لذا يجب تخصيب هذا اليورانيوم لكي تتراوح نسبة النظير “يو-235” فيه ما بين 4 و5% لاستخدامه لأغراض مدنية وأكثر من 90% للاستخدامات عسكريـــة.
إن إعلان رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية غلام رضا أغا زاده في التاسع من نيسان نجاحه في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5%، وفي مرحلة أولي يحول خام اليورانيوم المعروف بـالكعكة الصفراء إلي غاز )هكسافلويورايد اليورانيوم( (يو أف-6)، والذي يستخدم في أجهزة الطرد المركزي لإنتاج اليورانيوم المخصب، وأعلنت إيران أنها أنتجت 110 أطنان من (هكسافلويورايد اليورانيوم)، ويتم تخصيب اليورانيوم بواسطة أجهزة طرد مركزي، وهي أنابيب يخضع فيها )هكسافلويورايد اليورانيوم( لعمليات دوران بسرعة فائقة، وبفعل حركة الدوران، يتم الفصل بين ذرات اليورانيوم الثقيلة (يو-238) التي تطرد إلي أطراف الجهاز، والذرات الخفيفة (يو-235 (التي تبقي في الوسط، ويرسل الغاز الذي يبقي في الوسط إلي جهاز طرد مركزي ثان يكرر العملية، وهكذا دواليك حتي يجتاز الغاز سلسلة الأجهزة المترابطة، وتتوقف نسبة تركيز النظير (يو-235) في اليورانيوم علي عدد أجهزة الطرد المركزي المستخدمة، ومدي فاعليتها، والوقت الذي تستغرقه العملية، ومصانع تخصيب اليورانيوم التي تلجأ إلي هذه العملية تستخدم آلاف أجهزة الطرد المركزي، وقال أغا زاده أن بلاده ستسعي لإنشاء مجموعة من ثلاثة آلاف جهاز طرد مركزي بحلول نهاية العام، وبحسب المعهد الأمريكي الدولي للعلوم، والأمن الدولي، فان منشأة من 1500 جهاز للطرد المركزي تكفي خلال عام، لإنتاج كمية من اليورانيوم العسكري تفوق ما هو ضروري لصنع قنبلة ذرية واحدة، أما البلدان التي لديها وحدات طرد مركزي فهي البرازيل، والصين، وألمانيا، واليابان، وإيران، وهولندا، وكوريا الشمالية، وباكستان، وروسيا، وبريطانيا، وهدف التخصيب هو زيادة نسبة ذرات اليورانيوم-235 الانشطاري في اليورانيوم، ويشتبه الخبراء الغربيون بأن إيران تطور برنامجاً سرياً يعتمد علي أجهزة الطرد “بي-2” سلمها مهندس القنبلة الذرية الباكستانية عبد القدير خان بالتزامن مع النشاط النووي الإيراني في نطنز وسط إيران بحسب مصادر صحفية.
كان لا بد للدخول إلي هذا الموضوع الولوج قليلاً إلي عالم الفيزياء النووية لكي يتسني للقارئ معرفة الكلام الذي سيدار عن هذه التقنية العجيبة في صنع قنبلة ذرية إذا استخدمت لأغراض عسكرية، أو إنتاج طاقات مختلفة كالكهرباء مثلاً بالاعتماد علي مفاعل نووي يستخدم لأغراض مدنية، وسلمية لكن ما يطبخه الإيرانيون يفوق مجرد استخدام اليورانيوم المشع لأغراض عسكرية كصناعة قنبلة انشطارية بغية تصنيع قنبلة ذرية، أو بناء منشآت نووية، واستخدامها لأغراض سلمية لإنتاج أنواع مختلفة من الطاقة بل تلجأ إيران، وبعد المناورات الأخيرة، والسبيل إلي لقاء مسؤولين أمريكيين في العراق، واستعراضات القوة التي قامت بها في الخليج الذي صار فارسياً بالقوة النووية، وتوجيه رسالة قوية لكل من يظن بأن إيران دولة سهلة المنال، وضربها عسكرياً لن يأخذ منهم أياماً كما حصل للعراق فإن صاحب هذا التفكير يكون بعيداً جداً عن الحقيقة.
إيران، وبعد امتلاكها تقنية تصنيع اليورانيوم المشع، وتحويله بطريقة أجهزة الطرد المركزية إلي منتج قد يكون سلمياً، وقد يكون وقوداً نووياً لقنبلة ذرية تحاول اللعب مع الأمريكيين، والأوربيين بأوراق عدة ويبقي دائماً أمنها، وبرنامجها النووي في مقدمة هذه اللعبة وحمايتهم من أي مكروه هو أكبر همومها لذلك بدأت تلجأ إلي الكشف عن أوراقها الجديدة لمحاولة إضعاف الموقف الأمريكي، والأوربي وحتي الصيني من كل طموحاتها النووية، والعسكرية لا بل لجأت إلي مقايضة بعض تلك المساومات حينما وافقت علي الدخول مع أمريكا في حوار عن العراق هذا من خارج اللعبة أما من داخلها فتبقي الكثير من الأسئلة تنتظر الإجابة عليها، وليس من المعقول دخول إيران مفاوضات مع أمريكا فقط لحل الأزمة العراقية بكل أبعادها.
في وقت سابق لوّح سكرتير المجلس الأعلي للأمن القومي الإيراني كبير المفاوضين علي لاريجاني إلي إمكان استخدام إيران أوراقها الإقليمية في مواجهة الضغوط الأوروبية، وأكد أنه إذا استخدمت هذه الدول كل ما تملكه من وسائل للضغط علي طهران، ستعمد إيران إلي استخدام مواقعها، وأوراقها في المنطقة، وأعلن أن التوجه إلي مجلس الأمن لإطلاعه علي الملف النووي، أو أحالته عليه يعني انتهاء الدبلوماسية، وهذا غير إيجابي إطلاقاً، وأشار إلي أن القرار يرفع درجة عدم الأمن في التعاطي مع إيران التي ستكون مجبرة علي العودة إلي تطبيق القانون الصادر عن البرلمان، والذي يطالب الحكومة بوقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية، وتعليق العمل بالبروتوكول الإضافي للتفتيش المفاجئ.
إذاً خيارات التفاوض، والمقايضة بالأوراق الإقليمية هي أهم خطوة ستخطوها إيران في الأيام القادمة، وذلك لضمان استمرار تقدمها في أحلامهما النووية، والعسكرية في منطقة الخليج العربي دون منازع، وأهم هذه الأوراق التي ستلجأ إيران إلي اللعب بها هي حزب الله اللبناني، وحركة حماس الفلسطينية وبعض من حلفائها الشيعة في العراق بالإضافة إلي العامل الأهم، والأخطر الأن سوريا، والتي تقترب أزمتها من الاستفحال مع اقتراب موعد تسليم سيرج براماريتس تقريره النهائي عن قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق الشهيد رفيق الحريري، وكذلك تقرير مبعوث الأمم المتحدة تيري رود لارسن بشان تطبيق سورية لقرار /1559/.
إيران القوية نووياً، وعسكرياً، واقتصادياً بالإضافة المتماسكة إلي هذه اللحظة شعبياً خلف قيادة الملالي، وآيات الله باتت تتحرك إقليمياً محاولة إرسال رسائل تهديدية، أو تحذيرية إلي معارضيها في مجلس الأمن، والاتحاد الأوربي، وكل من يري في تنينها النووي وحشاً سيقض مضجع الكثيرين منهم ستبدأ خطواتها الأولي لدعم حكومة حماس لكي تبقي أكبر زمن ممكن في وجه الاختناق الاقتصادي الذي لفت بها إسرائيل، وأوربا، وأمريكا عنقها به، وتحاول قدر الإمكان هي، وسوريا عن طريق المساعدات غير المحدودة لها للاستمرار، ومنعها من الفشل والسقوط في هاوية الأزمات الاقتصادية التي يسعي إليها معارضوها، والتي بدورها تساند إيران لأنها أكبر حليف إقليمي لها في فلسطين، وأقرب حركة عسكرية لها في إسرائيل هذا إذا التجأت تصفية الحسابات بين الدولتين النوويتين إلي أزمة عسكرية بينهما.
الورقة الثانية التي تلعب عليها إيران هي حزب الله اللبناني، والتي تري في حسن نصر الله أكبر حليف لها لمنع قيام دولة لبنانية ليست علي الخطي الإيرانية، والسورية وستكون إيران حذقة جداً لو تمكنت أن تتدخل عن طريق حزب الله أن تحل الأزمة اللبنانية علي الطريقة التي تريدها هي وضخ المزيد من التصميم لإبقاء حزب الله كقوة عسكرية تجاور إسرائيل حتي، ولو وافقت سوريا، وإسرائيل، ولبنان علي ترسيم الحدود بينهم ويبقي سلاح حزب الله إحدي أهم نقاط ارتكاز في حال لو تعرضت إيران لهجوم إسرائيلي، وسيكون الرد الإيراني سريعاً للغاية عبر حزب الله من لبنان، وحركة حماس من داخل الأراضي المحتلة.
الورقة الثالثة هي الشكوك التي تساور المجتمع الدولي في ظلوع أصابع إيران الخفية وراء الأزمات العراقية الخانقة ابتداءً من الأزمة الأمنية، ومروراً بالنعرات الطائفية، وانتهاءً بالمخاضات المتعسرة لتشكيل حكومة عراقية، وتمسك الائتلاف الشيعي المقرب من إيران، وتدل كل المؤشرات علي صحة هذه الشكوك، ولو بشكل جزئي.
الورقة الأخيرة، والأهم هي سوريا التي تدعي إيران في مساندتها لها برغم أنه سيكون سهلاً جداً علي إيران أن تتخلي عن دعم، ومساندة سوريا في أزمتها مع المجتمع الدولي في حال تم غض النظر عن برنامجها النووي، وسيكون ضربة قاضية، والشعرة التي ستقصم ظهر الحكومة السورية إذا توصلت إيران إلي اتفاقيات، ومساومات علي سوريا، والتي تعول كثيراً علي إيران في مسألة الحليف الاستراتيجي الأهم، والأقوي في المنطقة في غياب مساندة الدول العربية، وكثرة الأزمات السورية الداخلية منها، والخارجية.
إيران دولة بدأت تدخل عهد المساومات، والمقايضات في سبيل حماية أمنها الوطني، وأحقيتها في أحلامها النووية، وباتت تنجح في إرسال مؤشرات حقيقية للدول التي تفكر في غزوها، أو ضربها عسكرياً. هي قوة لا يستهان بها، ولن تكون صيداً سهلاً إذا قامت باستخدام أوراقها الإقليمية خدمة لطموحاتها العسكرية، والنووية، والاقتصادية، وحتي التكنولوجية، ومجابهتها لن يكون سهلاً أبداً إذا كان استخدامها صحيحاً لأوراقها الكثيرة.
إيران القوية نووياً، وعسكرياً، واقتصادياً بالإضافة المتماسكة إلي هذه اللحظة شعبياً خلف قيادة الملالي، وآيات الله باتت تتحرك إقليمياً محاولة إرسال رسائل تهديدية، أو تحذيرية إلي معارضيها في مجلس الأمن، والاتحاد الأوربي، وكل من يري في تنينها النووي وحشاً سيقضي مضجع الكثيرين منهم ستبدأ خطواتها الأولي لدعم حكومة حماس لكي تبقي أكبر زمن ممكن في وجه الاختناق الاقتصادي الذي لفت بها إسرائيل، وأوربا، وأمريكا عنقها به، وتحاول قدر الإمكان هي، وسوريا عن طريق المساعدات غير المحدودة لها للاستمرار، ومنعها من الفشل والسقوط في هاوية الأزمات الاقتصادية التي يسعي إليها معارضوها، والتي بدورها تساند إيران لأنها أكبر حليف إقليمي لها في فلسطين، وأقرب حركة عسكرية لها في إسرائيل هذا إذا التجأت تصفية الحسابات بين الدولتين النوويتين إلي أزمة عسكرية بينهما.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.