In the World of Football, the American Giant is a Dwarf

<--

المارد الأمريكي أصبح قزما في عالم كرة القدم

الولايات المتحدة الامريكية هذا العملاق الذي يعمل علي فرض العولمة علي العالم حتي لو كانت في شكلها الأكثر توحشا ما هي في واقع الأمر إلا قزم صغير جدا في واحدة من أهم مظاهر العولمة وهي الرياضة و علي رأسها كرة القدم الساحرة المستديرة التي غطت بسحرها علي ما عداها من أحداث منذ أن بدأ العالم الاحتفال بمونديال ألمانيا في‏9‏ يونيو الحالي‏.‏

ولم تكن الهزيمة الساحقة التي نالتها الولايات المتحدة من التشيك بثلاثة أهداف نظيفة في أولي مباريات أمريكا في المونديال إلا انعكاسا للفشل الامريكي في كرة القدم اللعبة الشعبية الاولي في معظم دول العالم‏.‏ فالفشل الامريكي في مواجهة العولمة الرياضية هو في واقع الأمر فشلان و ليس فشلا واحدا‏…..‏ فقد فشلت أمريكا في فرض ألعابها الرياضية الوطنية علي العالم و هي البيزبول و كرة القدم الامريكية وحتي عندما حاولت أمريكا لعب كرة القدم التي يعشقها العالم بعد أن أطلقت عليها أسم سوكر و ليس فوتبول في محاولة لفرض قوانينها في الكرة مثلما تفعل في السياسة فشلت امريكا في مهمتها فشلا ذريعا جعلها تتراجع عن كل مخططات الهيمنة الرياضية‏.‏

ففي الوقت الذي تخيف فيه الولايات المتحدة الجميع بقوتها العسكرية حيث تنفق ما يقرب من‏50‏ في المائة مما ينفقه العالم في مجال التسليح فإنها في كرة القدم لا تخيف أحدا بل يمكن بالكاد تصنيفها علي أنها من القوي الكروية متوسطة المستوي‏.‏ و نادرا ما حققت الولايات المتحدة نتائج جيدة في بطولات كاس العالم أللهم إلا في عام‏1950‏ عندما حقق المنتخب الامريكي مفاجأة مدوية بالفوز علي المنتخب البريطاني بهدف للا شيء لتحول هذه النتيجة دون وصول بريطانيا إلي الادوار النهائية للبطولة‏.‏

وفي محاولة مكشوفة من الولايات المتحدة لتناسي فترة الاحتلال البريطاني رفضت أمريكا مجرد ممارسة لعبة كرة القدم في نهاية القرن التاسع العشر الذي شهد البداية الحقيقية للكرة في بريطانيا مفضلة اختراع ثلاث لعبات محلية هي البيسبول و الفوتبول الامريكي و كرة السلة‏.‏

وقد بدأت امريكا في لعب كرة القدم بأقدام المهاجرين لا سيما المهاجرين الذين لم يلبثوا هم أيضا أن أداروا ظهورهم للكرة التي عشقوها في بلادهم الأصلية من أجل اللعبات الامريكية الثلاث للاندماج في المجتمع الامريكي و الحصول علي درجة مواطن أمريكي بدرجة جيد‏.‏

وعلي الرغم من ارتفاع شعبية كرة القدم في أمريكا إثر قيامها بتنظيم مونديال‏1994‏ و تأهلها للمونديال خمس مرات إلا أن كرة القدم لا تثير في نفوس الغالبية العظمي من الامريكيين أي قدر من الاهتمام مقارنة بما تثيره الساحرة المستديرة في العالم حيث تخلوا الشوارع من المارة احتراما لمواعيد مباريات الكرة‏.‏

وفيما تعد كلمة العملاق الأمريكي هي العليا في منطمة الأمم المتحدة التي تستضيفها علي أراضيها و تمنع من تشاء و تسمح لمن تشاء بدخول أراضيها لتمثيل بلاده أنشطة المنظمة الدولية في نيويورك فإنها في المقابل لا تزيد قوتها في مقر الأتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا بزيورخ عن دولة صغيرة لم يسمع عنها أحد سوي مؤخرا في المونديال مثل دولة ترينيداد و توباجو أو دولة فوريو التي فازت علي فرنسا مرتين في تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم‏.‏

وفي الوقت الذي يتدخل فيه العملاق الامريكي لحماية إسرائيل في الامم المتحدة من خلال الفيتو الامريكي الشهير الذي استخدم عشرات المرات لصالح الدولة العبرية منذ نشأتها عام‏1948‏ فإنها لم تستطع بسبب ضعفها أمام قوة الفيفا أن تفرض أسرائيل كرويا علي منطقة الشرق الأوسط فما كان من الإسرائيليين إلا أن خضعوا لقرار الفيفا باللعب في التصفيات الاوروبية‏.‏

وفي الوقت الذي تلقي فيه جميع المنتخبات الرياضية استقبالا علنيا حارا في المانيا فإن منتخب الولايات المتحدة هوالمنتخب الوحيد من المنتخبات ال‏32‏ المشاركين في مونديال ألمانيا الذي لم يكرم برفع علم بلاده علي أوتوبيس اللاعبين في تناقلاتهم خشية تعرض المنتخب الامريكي للأعتداء بسبب الحرب علي العراق التي تجد رفضا كبيرا في أوروبا لا سيما في ألمانيا التي تزعمت مع فرنسا المعسكر الرافض للغزو الامريكي للعراق‏.‏

وتعكس تصريحات الرئيس الامريكي جورج بوش خلال زيارته لالمانيا في مايو الماضي حجم الفشل الأمريكي في العولمة الرياضية عندما أكد أنه لم ير في حياته اي مباراة في كرة القدم التي تعشقها كل شعوب العالم معترفا في نفس الوقت بأن كرة القدم ليس لها اي شعبية في بلاده‏.‏ وأمام الاهتمام الكاسح الذي تتمتع به الساحرة المستديرة في ألمانيا و العالم وعد بوش مع ذلك بأن يبدأ في دراسة ظاهرة كرة القدم التي غزت قلوب مليارات البشر‏.‏ والسؤال الان هل سيدرس الرئيس بوش الظاهرة الكروية من أجل وضع خطة جديدة للهيمنة علي الكرة مثلما تفعل إدارته في السياسة أم أن سحر الكرة وحب الملايين لها سيجعله يتراجع عن سياساته التي لقيت رفضا كبيرا في جميع أنحاء العالم بما فيها العالم الديمقراطي الذي تتزعمه امريكا ؟‏.‏

About this publication