The Cinderella of U.S. Diplomacy and Her Lost Slipper

<--

رؤوف شحوري

سندريلا الدبلوماسية الأميركية وفردة حذائها الضائعة

وفي اليوم الثالث عشر من بدء (حرب يوم الحشر)، تستيقظ سندريلا الدبلوماسية الأميركية بـ(عينيها الزرق وأسنانها الفرق)، فتتثاءب وتتمطّى في سريرها المخملي. وتنهض على تثاقل وتتوجه الى لبنان للقاء رئيس وزرائه (الرائع) على حدّ تعبيرها، وهو عريس الوطن (المنكوب) وكل الأحزان والدموع، على حدّ تعبيره. تصل بيروت، وترشق الجمع بأطراف عينيها ونظراتها الآسرة، وتنثر على حشد من مستقبليها ابتساماتها الساحرة، ثم تسترخي في المقعد الوثير… فقد وصلت سندريلا الدبلوماسية الأميركية في مهمة عاجلة الى المنطقة بحثاً عن فردة حذائها الضائعة، وعلامتها انه كتب عليها: (الشرق الأوسط الجديد). والرجاء ممن يعثر عليها الاتصال على عنوانها في البيت الأبيض خارج أوقات الدوام، وله مكافأة مجزية بالدولار الأخضر. * * * من دروس هذه الحرب الفاجرة: لبنان كان يعرف أن ما من دولة في العالم قادرة على منافسة اسرائيل على الأحضان الأميركية الدافئة. ومع ذلك فقد توهّم البعض انه قادر على اقتطاع ولو حيّز صغير من تلك الأحضان لعلها تجلب الدفء الى لبنان. لا تتعبوا أنفسكم! واسقطوا من الذاكرة ذلك الاستقبال الحميم الذي أعدّه الرئيس بوش لرئيس وزراء لبنان، وذلك الاحتضان، ذراعا على كتف، في جولة مودّة بين ورود حديقة البيت الأبيض… فالقلب يعشق مرة واحدة وما الحب إلاّ للحبيب الأول! كل العرب حاولوا من قبل، كبيرهم وصغيرهم، وأكثرهم حظوة لم يفز بأكثر من دور الوصيف أو الوصيفة. وها هي أميركا تقف اليوم الى جانب الدولة التي تدمّر لبنان وتدعمها بلا تحفّظ، وترسل اليها القنابل الليزرية الذكية علّها تنجح في لبنان بما عجزت عنه في جبال تورابورا في افغانستان. وتتفرّج على أطفال اسرائيل يكتبون الرسائل على قنابل الطيران الحربي ويرسلونها هدية الى أطفال لبنان!

… * * *

كوندوليزا رايس قارئة جيّدة لتاريخ الصراع الأميركي – السوفياتي. وأيا تكن أهمية هذا الاختصاص فقد سقط مع سقوط الامبراطورية السوفياتية. ولعلها تتعمّق اليوم في دراسة تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي، وبخاصة تلك الحاشية التي كتبت على هامش هذا الفصل تحت عنوان: (لبنان). قد تكون أميركا نجحت في اجتذاب أنظمة عربية كبرى وتحييد غيرها بمنطق القوة الطاغية لدولة متوحشة… ولكنها هل نجحت في إطفاء لهب الجذوة المتأججة في نفوس الشعوب ضد الظلم والطغيان? انها الأمانة التي تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل الى يوم تنتصر فيه العدالة وتعلو فيه كلمة الحق.

لم تعد هذه الدبلوماسية ذات (العيون الزرق والأسنان الفرق) تتحدث عن (السلام). وسندريلا السمراء الساحرة لا تبحث عن أكثر من (وقف دائم لاطلاق النار) يحمي اسرائيل من صواريخ المقاومة، دون أن تنظر في المقابل الى ما يحمي لبنان من (هيروشيما) قنابل اسرائيل الذكية والحمقاء معاً. وأميركا تستطيع تجريد المقاومة من (سلاحها) عن طريق العدالة لا القوة. وأية ذريعة تبقى في يد المقاومة أمام شعبها وناسها ووطنها اذا استرد لبنان أراضيه المحتلة، وحرّر أسراه، وتوقف انتهاك سيادته براً وبحراً وجواً? ولكن اسرائيل لا تفعل ومعها أميركا، لأنها لو فعلت ذلك في لبنان فستنتقل العدوى الى فلسطين… وتكرّ السلسلة!

About this publication