Dividing Iraq Will Spark Series of Mini-Civil Wars

<--

حروب أهلية قادمة

كلنا مع المصالحة. حتي لو كانت مع حياطين دورنا المتهالكة. لكن من يضمن لشيوخ العشائر المجتمعين من اجل هذا الموضوع وللصحفيين وللمثقفين وللسياسيين ولعامة المواطنين وحتي لبعض القوي العنفية التي ستقبل بمشروع المصالحة. من يضمن لكل هؤلاء موافقة قوي أخري لا تعترف بشيوخ العشائر ولديها الاستعداد لقتل اي شيخ عشيرة مهما كان وصفه وأسم عشيرته وتاريخها الاجتماعي والسياسي؟

هذه القوي لا تعترف بالسياسيين ايضاً وتعدهم خونة وعملاء لأمريكا ولدول الجوار ولأنفسهم ولمناصبهم. هي ايضاً لا تؤمن بالوطن والمواطن وهمها الأوحد السيطرة وادارة الامور بطريقة تتلاءم ومزاجها الأيديولوجي. من يضمن لهؤلاء مساندة القوي الساعية لتقسيم البلاد الي دول صغيرة تعمل بنظام التحالف. هذه القوي حزمت أمرها، وتلاقي همها (الذي تحسبه شرعياً) مع رغبة القوي الكبري التي تريد ان تتخلص من العراق بوضعه الحالي وحتي السابق. العراق الذي يضم جميع الاطياف الدينية والعرقية، وعاصمته بغداد. هذه القوي لن تقبل سوي بالتناحر والتضاد من اجل ترسيخ قضية التقسيم وجعلها أمراً واقعاً لا مناص منه.

اذاً هل لنا ـ والحال هذه ـ ان نقول: ان المصالحة لا تعدو أن تكون هي الشرارة التي ستشعل المواجهة النهائية في هذا الوطن الجريح وهي التي ستؤدي في النهاية الي تقسيم الوطن. فالمصالحة الوطنية مشروع يحمل الكثير من المعاني السامية لكنه لا يجد له صدي في نفوس القوي التي اغلقت ابواب أدمغة العاملين فيها من الذين يقومون بأعمال تهجير قسري لآلاف العوائل الشيعية ومثلها السنية من مناطق سكناها. فتهجير الشيعة سيؤدي الي لجوئهم لمناطق الجنوب الغنية بالنفط والمؤهلة لتكون دولة علي غرار دول الخليج، وهي بحاجة الي إيدَ عاملة وزخم سكاني. اذ لا يشكل تهجير الشيعة سوي مقدمة لبناء دولة الجنوب. كذلك تهجير السنة من مناطقهم الي مناطق الغالبية السنية سيؤدي الي أمر واقع بوجود كيان سني في المناطق الغربية. وهو ما سيقود الي مواجهات داخلية في التكوينات الناشئة بعد الحرب الأهلية العامة والتهجير حيث ستندلع حروب أهلية ثانوية في التشكيل السياسي الجديد لكل دولة من هذه الدول. فنحن نعلم ان القوي السياسية لا تأكل العسل والقشطة معاً وهنالك تدافع مصالح فيما بينها وربما صراعات ستتطور لاحقاً لانها ستنكفيء الي داخل الكيان الذي تنتمي اليه دينياً وقومياً. وبالتالي فان فرصة قيام ثلاث دول عراقية بمستوي لائق. وتعيش بهدوء تبدو مستحيلة. وهنا ستقع الواقعة. فبالأضافة الي نكبة تقسيم العراق الواحد فأن الكيانات الثلاثة المتكونة بعد حرب التقسيم الاولي ستكون غير قادرة علي ضبط إيقاع الحياة في تكوينها وستتصارع قوي متعددة فيها لغرض السيطرة وادارة الامور.

لا نري هذا المشهد المؤلم.

هادي جلو مرعي

About this publication