الافتتاحية
أميركا لوحدها لا تكفي
اليوم يدخل العمل الارهابي الأفظع في التاريخ سنته السادسة… اليوم يكمل تفجير برجي مركز التجارة العالمية في نيويورك سنته الخامسة, ليقول للعالم كله ان اميركا استطاعت ان تلجم الارهاب وتوقف زحفه الا انها لم تنجز المهمة في الميدان حتى بلوغ الهدف الاخير, وهو اقتلاع هذا الارهاب من الجذور.
والواقع ان الارهاب, منذ الحادي عشر من سبتمبر سنة ,2001 اخذ يطور نفسه واساليبه بعد اعلان الحرب عليه, الامر الذي مكنه من المحافظة على وجوده في افغانستان والعراق, وهذا الامر يستدعي القول بان مهمة محاربة هذا الارهاب لا يجب ان تقع على عاتق الولايات المتحدة لوحدها, او لا يجب ان تكون الولايات المتحدة هي الطرف الوحيد المعني بمحاربته… محاربة الارهاب, وحتى تصل الى منتهى غاياتها, يجب ان تقوم من خلال تحالف دولي, وتنسيق دولي, فالإرهاب هذا لا يخص دولة بذاتها في هذا العالم, بل يتوجه بضرباته الى دول العالم كلها, بما فيها الدول العربية والاسلامية, ودول غرب اوروبا, وهذا الارهاب ان توقف عن ضرب دولة بذاتها, فإنه يعود اليها ثانية, كما حصل في اسبانيا وفي بريطانيا… الارهاب بهذه الاهداف المتنوعة التي يختارها لضرباته لا يمكن اعتباره عدوا لدولة بذاتها, بل عدوا لكل المجتمع الدولي, ولكل الدول المنتظمة فيه وفي محفله.
وعلى ما نرى, وبعد مرور خمس سنوات على ضرب البرجين التوأمين في نيويورك فإن الارهاب يدخل عامه السادس محافظا على ذات الامكانات التي تؤهله للعودة الى مهاجمة اميركا ومهاجمة سواها في اي لحظة, وربما, بموجب هذه الحقيقة رأى الرئيس بوش ان اميركا لا تزال تواجه اعداء مصممين تتطلب هزيمتهم على المدى البعيد تحسين الامن في الداخل الاميركي والعمليات العسكرية في الخارج, على الاقل من اجل منع الارهابيين من »ارساء امبراطورية تستند الى ايديولوجية الحقد وعقيدة الكراهية« .
وبناء على هذا الواقع الذي يظهر بقاء المسافة بين محاربة الارهاب والقضاء عليه, فإن الايام الصعبة ستكون بانتظار الجميع, وليس فقط بانتظار الولايات المتحدة الاميركية التي تعرف, كما قال الرئيس بوش انها تستطيع الفوز حين تعمل بعزم وتصميم واضحين.
فضاء الارهاب فضاء العالم كله, واهدافه كل دول هذا العالم.. الشرقية والغربية, دول الشمال ودول الجنوب .. الدول العربية والدول الاسلامية… والخطير في هذا الموضوع هو ان الارهاب متعدد المنابت والجنسيات, والخشية من ان ينسق مع بعضه بعضا, ويتكتل لمهاجمة كل الخصوم. لقد استطاع الارهاب أن ينشط في العراق بشكل فاجر, واستطاع ان يعود الى افغانستان, وتمكن من اشاعة القلق في الهند, والاضطراب في باكستان, ورأيناه من قبل يضرب في مصر, ويحاول الضرب في السعودية متى استطاع… والارهاب بواقعه هذا يفرض قيام تحالف عالمي ضده ينسق لمحاربته بشكل متقدم جدا ورفيع, ويلغي هذه الثنائية الدولية القائمة الآن على اساس ان من يحارب الارهاب هناك دائما دول اخرى تنتقده وتخالفه الرؤية وتجادله في التعريفات, وفي وجوب التمييز بين الارهاب وبين المقاومات الوطنية… المفروض ان يكون هناك تنسيق دولي موحد لمحاربة الارهاب الى اي نوع او جنس انتمى سواء كان ارهابا عربيا او اسلاميا, او بوذيا, او ارهابا انفصاليا كالذي نراه في الباسك شمال اسبانيا وفي كورسيكا الجزيرة الفرنسية.
اميركا وحدها لا تستطيع بلوغ الهدف النهائي, ومطلوب ان يمشي العالم كله وراءها من اجل اقتلاع هذا الخطر الاشد, والذي يقود العالم الى الموت المجاني, والى كراهية الحياة, وتخريبها
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.