Pope and America Must See: Not All Terror is Muslim

<--

الافتتاحية – من المسؤول عن تفاقم الإرهاب?

على بابا الفاتيكان ألا يبني مواقفه ارتكازاً على ما يرد في أدبيات »القاعدة«, وأقوال بن لادن, وأيمن الظواهري… ما يرد في هذه الأدبيات والأقوال من نعوت »الصليبية« و»الدجل« لا يرقى إلى قناعات المسلمين عامة, ولا إلى مستوى العلاقة والانتماء إلى الدين الإسلامي, والبابا بحكم ثقافته الشاملة حول المعتقدات واتباعها, يعرف أن هناك كثيرين ذهبوا بعيداً في الشطط والتطرف والتعصب لايحسبون على الديانة المسيحية, ولا يصح أخذ سماحة هذه الديانة القائمة على المحبة بجهالة من تطرفوا وتعصبوا من معتنقيها.

بابا روما ظن أن الإسلام هو بن لادن, أو هو الظواهري والمهاجر وأبو قتادة وأبو عكرمة… هؤلاء حاربهم العالم وفي مقدمته العالم العربي والإسلامي لأنهم يمثلون رموزاً للإرهاب, ولأجل القضاء على أفعالهم الشريرة, وأعمالهم الإجرامية والتخريبية, وتضليلهم لأصحاب العقول الغضة وتحريضهم على العنف, والتصوير لهم بأن الإرهاب جهاد, وبأن من يمارسونه هم من المجاهدين.

وحين نقول إن شائبة الإرهاب مدانة وليست من الإسلام, فإننا في الوقت نفسه لا نخص هذا الإسلام لوحده بهذه الشائبة, فهناك إرهاب في المسيحية, وإرهاب في اليهودية, وإرهاب في كل المعتقدات والأديان. وحين نتحدث عن سفاهة أدبيات الإرهابيين فإننا في الوقت نفسه نطلب من العالم المسيحي, وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية أن يتضافر معنا من أجل القضاء على الأسباب المنتجة للإرهاب والدافعة له, والتي يأتي في مقدمتها الاهتمام بقضية السلام في الشرق الأوسط, وإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي, وتصويب مسارات الانحياز في العلاقة مع إسرائيل والتي تحشر الدور الغربي المسيحي في منطقة المؤيد الأعمى لدعاوى السياسة الإسرائيلية على حساب الدعاوى العربية والإسلامية الأخرى التي لا تريد غير العلاقة العادلة حين يتعلق الأمر بصوابية النظرة إلى الصراع وإلى جذوره, حيث هناك وطن فلسطيني مغتصب, وشعب فلسطيني يعيش خارج وطنه.

والفرصة الآن متاحة أمام وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي تزور المنطقة, كي تلامس هذا المطلب البديهي الذي يتطلع إلى موقف عادل من القضية يقوم على تساوي النظر, وبالتالي إلى همة دولية عالية تبذل من أجل السلام الدائم والعادل, ومن أجل الخروج عن معادلات القوة التي غالباً ما فرضت الأمور الواقعة الظالمة, والتي لا تزال حتى الآن تستدعي الصراعات والحروب, وبقاء المنطقة خارج العقد العام للنظام الدولي الراهن.

على أميركا الآن, وهي رأس العالم المسيحي المعني بمحاربة الإرهاب, أن ترى أن هذا العدو ليس موجودا حصرا في جانب الدين الإسلامي, بل موجود في جانب الدولة اليهودية التي تمارسه بفجور وفداحة على دول الجوار وعلى أبناء الشعب الفلسطيني الرازح تحت احتلالها.

أميركا تعرف أن سلام المنطقة أصبح استحقاقاً واجباً وعليها أداؤه… وهذا السلام سهل إقراره, وكثيراً ماقام عقلاء العالم العربي بترويجه لدى القناعة الأميركية, والتي لم تكتمل دائرة العدل فيها بحكم الانحياز المطلق للطرف الإسرائيلي.

لم يعد مقبولاً رهن عملية السلام, أميركيا, للرغبة الإسرائيلية, والتعريفات الإسرائيلية, وسعي إسرائيل في جعل هيمنتها على كل المنطقة شرط إقامة السلام وإقراره… لم يعد مقبولاً أن توافق أميركا على رغبات إسرائيل في نسف كل الاتفاقات السلمية والمبادرة لمجرد أن سيارة مفخخة انفجرت في أحد شوارع تل أبيب, ولمجرد أن ماسورة محشوة بالبارود أطلقت على مستعمرة سيديروت.

موافقة أميركا إسرائيل على هذه الرغبات تعني قتل عملية السلام, وتشجيعاً لقيام حركات الإرهاب, ومساهمة في تعزيز ادعاءات حركة »حماس« و»حزب الله«, وتسهيلاً للمتاجرة بالقضايا السياسية برفع سيوف الدين ورماحه.

على بابا الفاتيكان وسائر دول العالم المسيحي أن يتعاملوا مع وجهنا الحقيقي الآخر, أي وجه أبو مازن لا وجه اسماعيل هنية, ووجه فؤاد السنيورة لا وجه حسن نصرالله, على الأقل ليميزوا بين الإسلام والمتاجرين به, وليتمتعوا بنظرة عادلة للصراع فلا يرونه بالعين الإسرائيلية لوحدها.

أحمد الجارالله

أحمد الجارالله

About this publication