Why Baghdad Can’t Please Turks or Kurds

<--

أيها العراقيون احذروا خطر الاحتلال الإيراني

كتابات – ضياء الشكرجي

لا أبالغ في هذا النداء التحذيري أبدا، ولا أنطلق أبدا من عقدة تجاه إيران من غير مبرر. فالعراق اليوم أو جزء أساسي منه واقع حقيقة تحت الاحتلال الإيراني، وأدوات هذا الاحتلال أحزاب وعمائم وميليشيات وذيول للاطلاعات. وقد يتساءل البعض لِمَ أغفل عن التحذير من خطر الاحتلال الأمريكي الفعلي والواضح، وأحذر من خطر احتلال أو استعمار إيراني وهمي، كما يتصور أو كما يدعي البعض، أو احتلال واستعمار غير واضح؟ أقول: وهنا بالذات مكمن الخطر، فالاحتلال الواضح مآله إن لم يكن عاجلا فآجلا الانتهاء والرحيل، أما الاحتلال الخفي، لاسيما الإيراني بحكم الجيرة والتأثير عبر العلاقات الاجتماعية والدينية، هو الأشد خطرا والأقدر على البقاء من الاحتلال الظاهر.

لذا فالمطلوب من مخلصي السنة ومخلصي الشيعة ومخلصي أتباع سائر الديانات العراقية، وكذلك من مخلصي العرب ومخلصي الكرد ومخلصي أتباع سائر القوميات العراقية أن يدركوا الخطر الجدي للمزيد من تغلغل وتجذر النفوذ الإيراني في عراقنا الحبيب، لما يختزن هذا النفوذ من عوامل تدمير لكل ما هو وطني عراقي.

وبالرغم من ملاحظاتي على أداء الأخ موفق الربيعي، أحب أن أشكره على هذه الصراحة والشجاعة في تشخيص الخطر بقوله فيما نشر في السادس من هذا الشهر بـ «أن ايران تلعب دورا سلبيا للغاية في العراق، وأن تدخلها يهدد عملية المصالحة الوطنية، … وأنها ودولا ومجاورة أخرى للعراق مثل سوريا تتدخل في شؤوننا الوطنية، وأنها تلعب دورا سلبيا للغاية، وأنه يجب أن توقف تدخلها، وإلا فإن العملية السياسية الجارية في العراق ستنهار برمتها، وأن هذا التدخل يكبح المصالحة الوطنية في العراق … وأن المطلوب اعتماد سياسة الجزرة والعصا تجاهها، بإلحاق الأذى بها داخل العراق وفي نفس الوقت تقديم تنازلات لها … وأنه يجب أولا أن تجري الولايات المتحدة والعراق محادثات جدية لتوحيد وتنسيق موقفهما حول إيران.».

فإنه أمر يستدعي التوقف أن يصدر مثل هذا الكلام من سياسي محسوب على التيار الإسلامي-الشيعي. ولست بصدد تقييم تصريح الربيعي، وكم لرغبته في إرضاء الأمريكان عنه أو انبعاث كلامه من حس وطني وحرص عراقي، بقدر ما يهمني أن أذكـِّر بخطورة الدور الإيراني، وبالتالي بوجوب الحذر من كل القوى السياسية التي تتمتع بدعم إيراني، أو يجري بينها وبين إيران ثمة تنسيق؛ فإنها إن كانت تعي الدور التخريبي الخطير لإيران، فهذا يجعل وطنيتها موضع الشك والريبة مهما كانت ادعاءاتها، وإذا كانت تنسق مع إيران من غير وعي هذه الحقيقة، فهذا يعبر عن فقدانها للحد الأدنى المطلوب سياسيا من الوعي الوطني، وأما إذا كانت تعي خطر إيران، ولكن تتعاون معها ليس حبا بها، بل لغرض استمداد القوة منها لتستقوي بها على خصومها أو أندادها أو منافسيها السياسيين، فهذا يعبر عن أنانية حزبية على حساب الوطن وقضاياه الاستراتيجية المصيرية، أما إذا كانت تفعل ذلك من قبيل الاصطفاف الطائفي بسبب شيعية إيران، فهذا يعبر عن استبدالها للمشروع الوطني بالمشروع الطائفي، وكذلك عن عدم وعيها بحقيقة أن شيعية إيران لا تعني حرصها على شيعة العراق، بل هي تريد أن يكون شيعة وسنة العراق حطبا لمشاريعها وأجندتها الخاصة بها التي تعلو بالنسبة لها ولا يُعلى عليها، لا شيء من مصلحة للشيعة هنا، أو مصلحة للإسلام هناك.

وإننا عندما نرى اتفاقات بعض قوى الإسلام السياسي الشيعية المتمذهبة – من أجل ألا أقول الطائفية -، فنستبشر من جهة بذلك رغم عدم اتفاقنا مع تلك القوى، لأن هذا يمكن أن يكون حقنا لدماء العراقيين، أيا كانت وجهتهم السياسية، ولكن من حقنا أن نتوجس خيفة من هكذا تحالفات واتفاقات، لأنها قائمة على ثلاثة ركائز، كل منها يمثل خطرا جديا على المشروع الوطني، ألا هما ركيزة الإسلام السياسي أولا، وركيزة التشيع السياسي ثانيا، وركيزة التنسيق الإيراني ثالثا. فهل من مُدَّكِر؟

About this publication