واع / المقاومة العراقية تبكي الرئيس بوش … ضحى عبد الرحمن
2008-04-15 1:09:17 PM
قد تكون دموع تماسيح فالرئيس بوش ليس ممن عرف عنه العواطف الثائرة والانسياق وراء المشاعر الدافئة أو الأحاسيس المفعمة بالرثاء لفقدان من حوله, انه وغد والأوغاد لا يعرفون الرحمة والشفقة, ومجرم والمجرمون لا يفتقدون بعضهم البعض, ولص واللصوص لا يحبون بعضهم البعض, ومع هذا فأننا سننساق وراء دموعه هذه, فالأمر يستحق وقفة! فإن كانت دموعا لأغراض انتخابية فأن غيره من المسئولين في الإدارة قد بكوا بدموع حقيقية, كما أن آلاف الأسر الأمريكية بكت قتلاها في العراق حقيقة! وإن كانت دموعاً حقيقية فأنه من أشعل النيران, وأن من يشعل النيران أولى به أن يطفيها!
ومع هذا فمن الذي أخرج الدموع من عيون الرئيس الأمريكي الوقحة؟ إنها بلا شك رسالة المقاومة العراقية التي قدمتها بزهو وفخر بمناسبة مرور خمس سنوات على الغزو الأمريكي للعراق. فقد أزفت المقاومة العراقية الباسلة للرئيس بوش بأن القتلى من المارينز والمرتزقة بلغوا(4000) خنزير, وعدد الجرحى تجاوز(30) ألف وعدد المجانين والمرضى النفسين تجاوز(100) ألف, وقد بلغ عدد الجنود الأمريكان الهاربين من جحيم العراق إلى كندا حوالي(5000) جندي .
صعق الرئيس الأمريكي بتيار الضغط المقاوم العراقي العالي هذا, والحقيقة أن هذه الأرقام لم تصعقه بقدر ما صعقته الأرقام الحقيقية التي تتجاوز هذه الأعداد بما لا يقل عن عشر أضعافها, فالرئيس بوش بإمكانه أن يكذب على شعبه وعلى حزبه وعلى حكومته ولكنه لا يستطيع أن يكذب على نفسه! ومن هنا كانت صعقته, ومما زاد وجعه هو تصاعد درجة حرارة المقاومة العراقية يوما بعد آخر مما حير الرئيس بوش, فقد عزز قواته المحتلة ب(30) ألف جندي ظنا منه أن عملية الضخ هذه من شأنها أن تقلل من خسائره في المستنقع العراقي, ولم يدر بخلده أن الخسائر ستزداد بهذه الطريقة التصاعدية ولم يجد تفسيرا منطقيا لها, مما يعني أن زمام الوضع خرج من يده وأصبح بيد الطرف الآخر,وهذا من شأنه أن يفقده الصواب وليس الدموع فحسب.
بصوت مبحوح وأحداق رطبة تفيض بؤسا وحسرة ظهرت(دانا بيرينو) المتحدثة بأسم البيت الأبيض على شاشات التلفاز لتعلن بأن رئيسها تبلغ بألم وصول عدد القتلى من جيشه أربعة آلاف مضيقة بأنه يتحمل مسئولية القرارات التي أتخذها وهي تعني قرار الغزو بلا أدنى شك, وبحركة درامية تصف الرئيس اللطيم إنه ” بالطبع متألم في هذه اللحظة بالذات ويبكي الأرواح البشرية التي سقطت جراء الحرب”! وتستمر في كلامها بأن الرئيس بوش هو الذي يتحمل مسئولية القرارات الخائبة التي اتخذها في حربه على العراق!
وتشاطر رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي الرئيس الأمريكي عزائه بالرغم من أنها تخالفه الرأي برفضها بقاء القوات الأمريكية في العراق, وتعلق بعد استماعها إلى إفادتي الجنرال بتريوس والسفير رايان كروكر في الكونغرس, بأن الحكومة العراقية لا تستحق تلك التضحيات الأمريكية الهائلة! وتنتشر دعوى البكاء بين مجلسي النواب والشيوخ, فزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور ريد يلوح بالعصا للرئيس الأمريكي لأنه لا يفهم” بأن موارد أمريكا لا تدعم حرب تبدو بلا نهاية وإن دافعي الضرائب يتحملون شهرياً (12) مليار دولارا شهريا على حساب بقية الأولويات التي تحتاجها البلاد” معترفا بأن قواتهم تتعرض لضغوط شديدة في العراق, وأنها غير قادرة على الرد على بقية التهديدات التي تتعرض لها بسبب الحرب في العراق!
بلا شك أن هذه الدموع الوقحة من الرئيس الأمريكي الذي يعتبر من اشد الضواري فتكاً في التأريخ البشري, إنما تكشف حقيقة المستنقع العراقي الموحل الذي غرقت فيه الإدارة الأمريكية ويكشف عمق الهوة ولزوجة حوافها بفعل دماء جنودهم النازفة والتي لا تمكنهم من العودة إلى السطح مجددا, ويوضح طريقة الرئيس الأمريكي في الاحتيال على التأريخ التي بدأها بحلقات متواصلة من المزاعم والادعاءات الكاذبة إبتداءا من امتلاك العراق لأسلحة التدمير الشامل وإنتهاءا بالتمويه عن الخسائر الحقيقية التي تكبدتها قواته ومرتزقته في العراق.
وهذه الخسائر الفادحة في قوات الاحتلال, تمثل رداً قاسية لكل الأبواق الخسيسة التي باعت نفسها للاحتلال والتي تنكر وجود المقاومة العراقية أو تحاول أن تقلل من شأنها أو تحجم نشاطاتها, فيوم بعد يوم يرتفع الرصيد المعنوي لرجال المقاومة وتتعمق جذور عطائهم في التربة العراقية, مسطرين أبجدية المسيرة الظافرة التي ستبقى علامة مضيئة في عمق التاريخ تنير للأجيال القادمة طريق التحرر والبناء.
هنيئا لمقاومتنا البطلة التي أبكت رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم, هنيئا لها وهي تسحق بإقدامها خططه الخبيثة وإستراتيجيته العفنة وعولمته النتنة, هنيئا لها وهي تسطر يوما بعد آخر المزيد من الملاحم البطولية وتدحر فلول المعتدين, وهنيئا لكل عراقي شريف بأن يفتخر بتلك المقاومة الباسلة التي اختزلت في إرادتها وفعلها إرادة العراقيين جميعا للذود عن حياض الوطن واستنهضت داخل الشرفاء روح التحدي والإصرار, فهي الروح الحية النابضة بحب الوطن والتي سجلت في كل موضع في العراق خبرا لانتصاراتها.
وهنيئا لكل عربي شريف وصاحب ضمير حي بهذا الانتصار العظيم, أن مهمة كل مثقف مهما كانت جنسيته أن يضطلع بمسئولية إيقاظ الضمير الإنساني أينما كان ويكشف الزيف الذي تمارسه الإدارة الأمريكية ويفضح فشل إستراتيجيتها في العراق وأن يمجد هذه المقاومة البطلة ويتفاخر بإنجازها الذي أبكى الرئيس الأمريكي وهو يستمع إلى سيمفونية الخسائر التي لحقت بفلوله الغازية, تلك السيمفونية التي سترافقه في يقظته وتؤرقه ليبقى صداها القاسي يرن كالأجراس في دماغه الثقيل. وفي الوقت الذي تثير هذه الخسائر فجيعة الإدارة الأمريكية فأنها تزيد من إرادة التحدي لدى رجال المقاومة وتحفزهم لرمي شباكهم المقدسة لتعزيز صيدهم الوفير من جنود الاحتلال بإذن الله.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.