Barak Obama: The Audacity of Hope or Glitter of Illusion?

<--

باراك أوباما :

جرأة الأمل أم بريق الوهم؟..

عطية صالح الأوجلي*

لم تعبر السيدة هيلارى كلينتون عن أى ضيق يذكر عندما تناهى إلى أسماعها اعتزام السيناتور الأسمر النحيف ذى الاسم الغريب ترشيح نفسه فى سباق الرئاسة الأمريكية.

فالسيناتور باراك أوباما كان حديث العهد بالسياسة ولا يملك إى خبرة تذكر فى مجال السياسة الخارجية ولا يملك دعما من “ماكينة” الحزب الديمقراطى الذى ينتمى إليه كلاهما ولا يملك موارد مالية هائلة كالتى تملكها.

ربما فكرت السيدة هيلارى أن ترشيحه لنفسه سيحرمها بعضا من أصوات السود ولكنها سرعان ما طردت الفكرة من رأسها فاسم كلينتون مازال يتمتع بجاذبية لا تقهر فى أوساط الأقليات.

ولكن بضعة أشهر من الحملات الانتخابية كانت أكثر من كافية لزرع القلق على وجنتى سيدة البيت الأبيض السابقة إلى حد قيام منظمى حملتها باستخدام تكتيكات التخويف من القادم الغامض وزرع الشك فى ولائه وصدقه والتشهير بعلاقته مع القس المثير للجدل.

بركة من كينيا

عندما أعلمت السلطات المحلية بكينيا الشاب حسين أوباما أنه قد تم اختياره للدراسة فى أمريكا اعتقد أن فى الأمر مزحة ما. ولكن تأكيد المسؤولين له أن جامعة هاواى قد وافقت على تقديم منحة دراسية له أحس أن أبواب السماء قد فتحت أمامه وأن حياته ستتغير بشكل لم يحلم به قط. لم يكن يعلم أن حياة العالم قد تتغير أيضا نتيجة هذه المنحة الدراسية.

ودّع السيد حسين عائلته التى كانت تعيش حياة رعوية بسيطة وودع أصدقاءه وعنزاته وانتقل إلى الولايات المتحدة ليباشر دراسته بجزيرة هاواى وليلتقى آن دنهام الفتاة البيضاء القادمة من كنساس ليتحابّا ويتزوجا. وفى شهر أغسطس من عام 1961 رزقا بطفل أسمياه باراك. وكلمة باراك فى اللغة السواحلية مشتقة من العربية بارك أو مبارك.

انفصل الزوجان عندما كان باراك فى الثانية من عمره. غادر الأب هاواى ليلتحق بجامعة هارفارد وينال الدكتوراه ويعود إلى كينيا تاركا “البركة” مع السيدة البيضاء لتعول ابنهما. فتعرفت أم باراك على مهندس اندونيسى وتزوجته وسافرت معه إلى جاكرتا فى عام 1976 لتنجب لباراك أخته غير الشقيقة مايا . وانتظم باراك فى مدرسة إسلامية لمدة سنتين فى اندونيسيا. ولكن طلاق أمه من زوجها الثانى وضع حدا لحياته الاندونيسية ليعود معها إلى بيت أسرتها بهاواى وليلتحق هناك بمدرسة كاثوليكية.

أين قبر أبي؟

التحق أوباما بالمدرسة الثانوية بهاواي، وكان بها ثلاثة طلاب سود فقط، ليتخرج عام 1979 بدرجة الشرف. بدأ الدراسة الجامعية بإحدى جامعات كاليفورنيا قبل أن ينتقل إلى جامعة كولومبيا الشهيرة فى نيويورك، لينال منها عام 1983 شهادة جامعية فى العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

لم ير باراك والده منذ انفصال الزوجين إلا مرة واحدة عام 1971. ولكنه عندما علم بوفاته فى حادث سيارة أصر على السفر إلى كينيا لمقابلة أقاربه هناك. ولا يعلم أحد مشاعره وهو يقف أمام قبر أبيه ولكن الجميع هناك يتذكر إصراره على زيارة القبر.

بعد تخرجه من الجامعة عمل أوباما فى مجال العمل الأهلى لمساعدة الفقراء والمهمشين كما عمل كاتبا ومحللا ماليا.

وفى عام 1991 تخرج من كلية الحقوق بجامعة هارفارد. وقد اختير أثناء دراسته فى هارفارد ليرأس تحرير مجلة Harvard Law Review ليصبح أول أمريكى أسود يشغل هذا المنصب. وبعد تخرّجه عمل باراك كمحاضر لمادة القانون بجامعة إلينويْ فى عام 1993. وفى صيف عام 1989 التقى فتاة سمراء تدعى ميشيل روبنسون لتبدأ قصة حب وإعجاب متبادل تكتمل بالزواج فى 18 أكتوبر عام 1992. ولدى الزوجين ابنتان هما ماليا ونتاشا.

شاب فى مجلس الشيوخ

يمثل الانضمام لأحد الحزبين الرئيسيين فى أمريكا الخطوة الأولى للشباب الطامحين للعمل فى السياسة. ولم يشذ أوباما عن القاعدة فقد تطوع للعمل لتسجيل أسماء الناخبين فى سجلات التصويت. وفى عام 1992 أصبح مديرا لمشروع التصويت فى ولاية إلينويْ حيث ساعد أكثر من 150 ألف شخص من الفقراء على تسجيل أسمائهم فى سجلات الناخبين وبالتالى اكتساب حق التصويت. وفى عام 1996 دخل المعترك السياسى بقوة حينما رشّح نفسه وفاز بمقعد فى مجلس الشيوخ الأمريكى ليصبح أول سيناتور أسود فى تاريخ الولايات المتحدة وأحد أصغر أعضاء المجلس سنا.

وكان فوزه مذهلا بكل المقاييس حيث نال 70 بالمائة من أصوات الناخبين، ومنذ تلك اللحظة أخذ نجمه فى الصعود بشكل غير مسبوق حتى أن الحزب الديمقراطى اختاره فى عام 2004 ليلقى كلمة فى مؤتمر الحزب. وقد أتاحت تلك الكلمة له أن يستعرض مواهبه الخطابية وقدرته على بعث روح الحماس فى مستمعيه.

كينيدى أسود!..

“منذ وفاة روبرت كينيدى لم أر مرشحا يثير الحماس مثل أوباما”.. هذا ما قاله الكاتب اليسارى الأمريكى راسل بانكس فى معرض تعليقه على الحملات الانتخابات الأمريكية. “ما من أحد استطاع أن يجمع بين الأغنياء والفقراء، بين الشباب والشيوخ، بين السود والبيض مثلما يفعل هذا الرجل.. هذا الرجل لديه الكاريزما والحضور”.

العديد من المراقبين يشاركون راسل رأيه هذا. فهذه الصفات تجعل المقارنة بين أوباما وكينيدى أمرا محتوما. ويقول ثيودور سورنسن، الذى كان مساعداً للرئيس الراحل جون كينيدى ، ” ثمة أمور مشتركة بين الرجلين”، مشيراً إلى شبابهما وجاذبيتهما وبراعتهما الخطابية وقدرتهما على إثارة إعجاب وحماس حشود متزايدة من الأمريكيين تضم عدداً متنامياً من الشباب.

ويبدو أن التشابه بين الرجلين لا يقتصر على القدرة الخطابية وسرعة البديهة والشخصية الجذابة وإنما فى الأفكار والأطروحات. فالكتاب الذى قام أوباما بتأليفه تحت عنوان “جرأة الأمل” والذى يدعو فيه الساسة والمجتمع الأمريكى إلى نهج جديد لإصلاح الحياة السياسية ومواجهة المشاكل الحقيقية التى يعانى منها المجتمع الأمريكي. والى تبنى حزمة جديدة من الإصلاحات والسياسات التى من شأنها أن تعكس حياة الأمريكيين كما يعيشونها فعلياً، وتبنى على تقييم الواقع ، ومراعاة التقاليد ، والاستفادة من دروس الماضي، هذا الكتاب يجد القارئ فيه صدى لأفكار كينيدى كما يجد فيه الجرأة فى التفكير و نبرة الأمل التى تميز الرجلين.

أمل أم وهم؟

لم يتبق على انتهاء الحملات الانتخابية سوى أشهر قليلة ينعقد خلالها مؤتمر الحزب الديمقراطى لاختيار مرشحه الذى سيواجه المرشح الجمهورى ماكين فى انتخابات نوفمبر من العام 2008. عندها سيعلم أوباما والعالم بأسره هل غامر الجمهور الأمريكى بالقفز نحو المستقبل ومشاركة أوباما حلمه أم أنه فضل البقاء فى سياسات الماضى مقتنعا بأن زمن التغيير لم يأت بعد.

About this publication