Hey America, Negotiate with Iran

<--

أيها الأميركان تفاوضوا مع طهران..

منذ بدء الحملة الإنتخابية الاميركية دأب المرشحان ماكين واوباما على إطلاق الوعود بردع غير مسبوق ضد إيران، وباستعراض القوة القاصمة والمتحفزة لحرق الاخضر واليابس الإيراني، لكن فاتهما، وفي ظل هذا الهوس الإنتخابي الذي يقف على النقيض من العقلانية السياسية، أن إيران دولة إقليمية كبرى ومتطورة عسكرياً وهي وكما عودتنا لن توفّر أداة من أدواتها لقنص كعب أخيل الاسرائيلي والاميركي، وتكمن سذاجة قيادات اميركا واسرائيل باعتقادها انها في مأمن ”معقول” من الرد الايراني، الذي تُشير المعطيات المتوافرة أنه لن يتوقف عند حد الشرق الاوسط الكبير بل سيتعداه ليلفَ الكون وذلك من خلال ”الكومنترن الشيعي” وهو الاكثر تنظيماً والتزاماً بمرجعيته العالمية.

في الضفة الاخرى نرى ان بعض عواصم اوروبا الغربية وروسيا تواصل العمل الدبلوماسي مع ايران، وتقدّم لها الحوافز والمغريات مقابل تخليها عن طموحاتها النووية، آخذة بعين الاعتبار جملة من العوامل الجغرافية والاقتصادية، لكن واشنطن وتل ابيب وعلى النقيض من ذلك تتمسكان بسياسة الإستعلاء والإملاء السياسي والتحدي، مما يكشف عن أن الموقف الاميركي الاسرائيلي الواحد والمتهور يواصل توظيف القوة لإخضاع الآخر كاستراتيجية عالمية ترتكز الى مصالح ضيقة في الغالب لا ترى أبعد من أنفها مآلها على الدوام وكما نقرأ في صفحات التاريخ، الغرق في مستنقعات الهزيمة التي لا تنفك تنال من صورة اميركا في العالم.

لا يختلف اثنان على أن ضرب إيران سيكلّف المنطقة والعالم ثمناً فادحاً، وسيشكّل كارثة كبرى تمتد لعشريات طويلة، وسينال الرد الايراني القاسي من منابع النفط في الخليج واذربيجان والمصالح الاميركية وقواتها، والمواقع الحيوية الاسرائيلية وبضمنها النووية ومفاصل الدولة، وستُـثَـوّر الطوائف الشيعية المنظّمة جيداً في أرجاء العالم والعراق، وسينشط حزب الله في جنوب لبنان لمشاغلة اسرائيل، وقد نشهد هجمات انتقامية ضد المصالح الأُوروأميركية والاسرائيلية في الشمال والجنوب والشرق والغرب الواسع، ولو افترضنا أن التهديد الاميركي الاسرائيلي يشكّل نوعاً من الضغط السياسي على طهران، إلا انه سينعكس دون توقف، وهو ما نشهده حالياً، بصورة الإرتفاع المخيف في أسعار النفط، وسيخلق مشاكل أمنية واقتصادية وسياسية وعسكرية لأميركا وستتوسع دائرتها لتنعكس على شكل أزمات غير محدودة تفوق التصورات والارقام لا مجال لمعالجتها دبلوماسياً. لذا فمن الأعقل للحلف المناهض لإيران سلوك السبيل السياسي والدبلوماسي والحوار لحل الازمة الناشبة حقناً للدماء وحفاظاً على كرامة الإنسان وتجنباً للخسائر.

في الموقف المحلي نقرأ التزام الاردن بسياسة تبريد أزمات المنطقة والعمل على حلها سلمياً، ويرى جلالة الملك عبدالله الثاني ببعد بصيرته وحكمته أن الحرب إن وقعت مع إيران ستكون مدمرة وستفتح الباب لكل الشرور ولن تتعافى منها شعوب الشرق والغرب. ونحن في الاردن نقع في وسط دائرة النار ومع ذلك نتمتع بالأمان والاستقرار بفضل جهود قائد الوطن الحثيثة وتماسك السياسة الاردنية ووعي الشعب، والحفاظ على هذه النعمة الإلهية واجب على كل اردني، حيث دور الفرد أساسي في إدراك الاخطار المحدقة بالمنطقة وأبعادها وسُبل محاصرتها ولإعانة السياسة الرسمية لتتخطى الصِعاب والعقبات وتتغلب على التحديات.

About this publication