The Occupiers will not Withdraw from Iraq

<--

المحتلون لن ينسحبوا من العراق

يقول الاميركيون انهم لن ينسحبوا من العراق، الا اذا حققوا النصر، والنصر عندهم قضية متحركة، تختلف اسبابها ودوافعها من مرحلة الى مرحلة، ابتداء كان المقصود بالنصر هزيمة نظام صدام حسين المعارض واستبداله بنظام موال لواشنطن، ثم اصبح النصر هزيمة اتباع صدام حسين في العراق والقوى التي تقاوم الاحتلال، أي هزيمة الشعب العراقي واخماد قوى المقاومة والانتماء العربي، ثم تطور الامر فاصبح النصر يعني اسناد النظام الجديد في العراق، وتدريب جيش عراقي جديد وقوى امنية جديدة، قادرة على فرض الامن في العراق، ثم اصبح النصر مرتبطاً بتدمير قوة القاعدة في العراق، والان النصر الاميركي مرتبط بمواجهة الارهاب في العراق والشرق الاوسط، ومن ضمن قوى الارهاب مواجهة النظام الايراني الذي يهدد الوجود الاميركي في العراق ويربك المشروع الاميركي في الشرق الاوسط، ويهدد بتسلحه النووي دولة اسرائيل، ويهدد استقرار منطقة النفط والمعابر البحرية لتجارة النفط.

ولهذا لا معنى حقيقياً للمطالب العراقية التي اعلنت مؤخراً بربط الاتفاق الامني بين العراق وواشنطن، بالوصول الى جدول زمني للانسحاب الاميركي للعراق، لان الحقيقة الثابتة والتي يؤكدها جميع الخبراء المهتمين بالشأن العراقي، ان الولايات المتحدة لن تنسحب من العراق سواء توصلت الى قاعدة قانونية مع الحكومة العراقية التي تحتمي بالاحتلال تسمح باستمرار احتلالها للعراق بعد نهاية العام الحالي أو لم تتوصل، وستجد واشنطن الذرائع لاستمرار بقاء قواتها في العراق مهما كان موقف العراقيين، شعباً وحكومة، ويمكن تخفيف حجم القوات لأغراض تبديل القطعات العسكرية، اما الانسحاب الكامل فغير وارد.

وقد تخدم المطالبة بجدول زمني للانسحاب الاميركي صورة الحكومة العراقية لدى الاشقاء العرب في هذه المرحلة، فالمطلوب في هذه المرحلة التعامل مع العراق وكأن وجود الاحتلال ولفترة طويلة في المستقبل هو الامر الطبيعي والضمانة لاستمرار العراق الجديد مثلما هو الحال في فلسطين، المطلوب التعامل مع الاحتلال الاسرائيلي على انه جزء طبيعي من المشهد العام في فلسطين، الى حد الادعاء بأن الانتخابات في فلسطين والعراق لم تكن يوماً نزيهة الا في ظل الاحتلال، تلك هي المفاهيم التي يجري تسويقها على العرب، ديمقراطية وسيادة تحت الاحتلال، وحلول سياسية لا يشكل غياب الاحتلال ضرورة لنجاحها واعتبار مقاومة الاحتلال ارهابا وجريمة دولية ولهذا فتوتير العلاقات بشكل متصاعد بين واشنطن وايران، والتهديدات العسكرية المتبادلة بين واشنطن واسرائيل من جهة والنظام الايراني من جهة، ستكون محصلته أن بقاء الولايات المتحدة في العراق بحسب الاحتلال، ضرورة لأمن العراق والشرق الاوسط واسرائيل وأن الاوضاع على الارض لا تسمح بتعريض المكاسب التي تزعم واشنطن انها حققتها في العراق للخطر.

ولهذا فواشنطن بحسب الناطق الرسمي للبيت الابيض ترفض الموافقة على برنامج زمني مصطنع للانسحاب من العراق، وترفض فرض موعد تعسفي على واشنطن للانسحاب وترفض الاعتراف بأن موقفها هذا يشكل تعسفاً بمصير العراق والمنطقة، فتوتير الاجواء مع ايران يخدم البقاء العسكري طويل الامد في العراق، وتحويل العراق الى قاعدة عسكرية ضاربة طويلة الامد، اولاً لشل العمق العربي والامساك به من الداخل والسيطرة على منطقة الخليج وعلى المشرق العربي وصد الخطر الايراني، ومنع اعادة التماسك للعراق، مما يخدم غرض حماية اسرائيل ومصالحها، والسيطرة على اقليم النفط من شواطئ البحر الاسود وبحر قزوين الى الخليج العربي، وهذا ليس فقط هدف الادارة الحالية في واشنطن بل الهدف الاستراتيجي الثابت لأي ادارة اميركية قادمة مهما كانت طروحات مرشحيها في الانتخابات الحالية.

فواشنطن تحدد الشروط التي تراها للنصر في العراق وكيفية تحقيقها والاهداف المرتبطة بهذا النصر في كل مراحله، فالنصر يعني التمسك بالسيطرة العسكرية في العراق وحمل العرب للتعامل مع الحكومة المتحالفة مع واشنطن على انه الامر الطبيعي بغض النظر عن الدمار والخراب والاحتلال والفوضى والنهب والتهجير والتقتيل الواسع الذي لحق بشعب العراق.

فالاميركيون لن ينسحبوا من العراق مهما استتب الامن في العراق، وسيجدون الذرائع في كل مرحلة لرفض الانسحاب، فقد دخلوا العراق واحتلوه ودمروا دولته بذرائع كاذبة خلافاً للقانون الدولي، وسيتمسكون بالبقاء في العراق وفق نفس الذرائع التي يفتعلون اكثرها، فالخطر الايراني الذي يضخمونه، يخدم تمسكهم بالعراق ويخدم اسرائيل التي تصور نفسها ضحية في العالم، ويخدم هدف تغييب العراق عن امته واضعافه، وتجميد اهم ركن في العمق العربي وابقاء المنطقة العربية عرضة للصراعات الاقليمية والانقسامات التي تبرر ادعاءات المحتلين.

About this publication