Edited by Louis Standish
أميركا وقراصنة الصومال
كتب عبدالخالق ملا جمعة :
الخبر: قراصنة صوماليون يطلبون 25 مليون دولار فدية لفك الحجز عن ناقلة النفط السعودية أو تسييل حمولتها في البحر.. انتهى الخبر.
يذكر لنا التاريخ انه قبل خمسة قرون عندما فكر المستعمر الغربي إبان فترة الكشوف الجغرافية ان يسيطر على بحر العرب وخليج عدن والخليج العربي كانت حجة البرتغاليين كأول بحارة «متدينين» هي حماية الملاحة البحرية وصيادي السمك والغاصة من القراصنة، وفي سبيل ذلك المطلب قام البرتغاليون ببناء قلاع للرصد والحماية على شواطئ مسقط ودبي والدوحة ومن ثم جزيرة فيلكا الكويتية وظلت الهيمنة البرتغالية في هذه المنطقة قرابة سبعين عاماً وما زالت آثارها موجودة إلى الآن، ثم جاء المنافس الاسباني ومن بعده الهولندي والفرنسي في فترات وعهود متفاوتة، وأخيراً استقر الأمر للبريطانيين الذين احتلوا عدن عام 1839 أولاً، ومن ثم موانئ الخليج بضفتيه الغربية والشرقية وكلهم كانوا يحتلون ويسيطرون على المضائق والمرافئ والتحكم بطرق التجارة البحرية بعنوان الحماية من «القراصنة» بحراً وقطاع الطرق براً.
واليوم يتكرر المشهد مع قراصنة صوماليين بإمكانات بدائية، ونتساءل: كيف استطاع هؤلاء القراصنة السيطرة على هذه الناقلة العملاقة؟ التي تحتاج إلى انزال مظلي حتى يمكن السيطرة عليها، لهذا فإن ضخامة الناقلة تربطنا بالحدث السابق لبرجي التجارة العالمية في 9/11 حتى يكون مبرراً للتواجد العسكري للمشروع الاميركي الجديد في افريقيا!
لست من عشاق مدرسة التآمر والمؤمرات حتى أصل إلى الاستنتاجات التالية، بل من خلال قراءة للسيرة الاستراتيجية للتحالف الانكلو سكسوني منذ عقود مضت التي تؤكد لنا أن الأهداف الطويلة المدى لهذا التحالف الثنائي معلنة وليست طلاسم نحاول فك رموزها، وبالتالي فإن جيش الأميركان سيغادر العراق بعد عدة شهور حسب وعود الرئيس الجديد أوباما، وأيضاً بحسب الاتفاقية التي عقدت بين الطرفين العراقي والاميركي هذه الأيام، فإن البحرية الاميركية تحتاج بديلاً للتواجد في هذه المنطقة فكان البحر هو الأنسب وليس على البر، وذلك لتأمين مصادر الطاقة من جهة ومراقبة الأنشطة العسكرية الايرانية قرب هرمز من جهة ثانية، وارباك التعاون السوداني ــ الإيراني من جهة ثالثة والأهم مواجهة الغزو الصيني التجاري للقارة الافريقية من جهة رابعة، وهذه النقطة تحتاج إلى تفصيل أكثر، فالصين بدأت تدخل بضائعها إلى كل الدول الافريقية، والتي تعتبر أسواقها واعدة ولديها بعض المشاريع التي تساهم فيها الخبرات الصينية من دون ربطها بـ«أتوات» سياسية، مما جعل النظم السياسية الافريقية تتحرك بحرية مع التسهيلات الصينية، فأخذ التمدد الصيني يزداد يوما بعد يوم في القارة السوداء، ومع المتاعب الاقتصادية التي تعيشها الولايات المتحدة في الأزمة الراهنة والتي سببتها سياسات بوش، لذلك تحاول الإدارة الاميركية الجديدة استثمار انتخاب أوباما لاعبا مقبولا ومحفزا للتقارب مع الدول الافريقية للتوغل، في مشاريعها الاقتصادية في افريقيا، وقد بدأ مثل هذا التفكير عندما زار وزير خارجية أميركا الأسبق كولن باول بعض دول افريقيا، خصوصا دارفور واطلع عن كثب على الأحداث الدموية هناك، تعويضاً عن الفشل الذي حصل للقوات الاميركية في الصومال 1992، وقد توجت زيارة كونداليسا رايس إلى ليبيا (اغسطس 2008) هذا التوجه الجديد للإدارة الاميركيةتمهيداً لتسليم هذا الملف للرئيس أوباما، اذاً المشروع القادم قرصنة أميركية لافريقيا بابتسامة «أوبامية»!
• رشفة أخيرة:
الصومال هو الدولة العربية الوحيدة التي تحالفت ثلاث دول استعمارية اوروبية على احتلالها: فرنسا وبريطانيا وايطاليا.
عبدالخالق ملا جمعة
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.