في سبيل الحلم الأكبر
بصرف النظر عن استيائنا من هيلاري كلينتون لانحيازها الكامل لإسرائيل, إلا أننا لا نستطيع أن ننكر أنها شخصية جديرة بالإعجاب: قوية, شجاعة, ذكية, ومجتهدة.. وقد أضافت لها تجربتها الصعبة في سباق الرئاسة عمقا وبعدا إنسانيا.
وبشكل عام, فإن مؤهلاتها الشخصية قد تجعل منها وزيرة خارجية ناجحة.. لكن نجاحها لا يعتمد علي مهاراتها وقدراتها بقدر ما يتوقف علي مدي ثقة رئيسها فيها, بحيث تكون هي صوته وصورته أمام العالم..
بذلك تصبح هيلاري موظفة لدي باراك أوباما, تخضع لرئاسته, وتنفذ سياساته وليس سياساتها التي قد تتعارض معه.. و قد يقبل منها النصح.. لكنه لن يقبل منها الوصاية أو فرض شخصيتها عليه.. فقد لا ينسي في تعامله معها أنها كانت المنافس الشرس الذي أرهقه في حملته وهاجم سياساته.. واذا لم تبد مرونة, فقد يهمشها ويحرمها من الدعم الأدبي.. ولديه بديل عنها هو نائبه جو بايدن صاحب الخبرة الواسعة في السياسة الخارجية.. واذا ما تم تهميشها, سيتعامل العالم معها باستخفاف.. فهل هي مستعدة لذلك الدور التابع, وهي التي تخلت عن مقعدها بمجلس الشيوخ, قاعدة قوتها المستقلة, لمجرد أن دورها ثانوي هناك؟ ولماذا تقبل هذا المنصب؟ هل لأنها أرادت العودة الي المسرح العالمي لتحقيق طموحات خاصة تحلم بها؟ لقد أراد أوباما إهداءها المنصب مكافأة لمساندتها له بعد الانتخابات الأولية, إلا أنه يقدر قطعا مواهبها, ثم أنها تنتمي لمدرسة زوجها الرئيس السابق كلينتون الذي اختار منها أوباما عددا من وزرائه ومساعديه.
ويفترض من وزيرة الخارجية التي يريدها العالم في عهد أوباما, أن تتقن فن التفاوض, والتوصل لحلول وسط, وأن تدير بديناميكية مختلف الأزمات الدولية, وتخوض المعارك لتهدئتها لا لإشعالها, وأن تصلح ما أفسده بوش في علاقات أمريكا الخارجية.. ويريد منها أوباما إيجاد حلول عملية مبكرة لقضايا الشرق الأوسط, وبرنامج إيران النووي, والمستقبل السياسي للعراق, وأن تعيد المصداقية للخارجية الأمريكية.. هي مهمة شديدة الصعوبة والتعقيد, وتحتاج الي تعاون من أصحاب القضايا أنفسهم.. فإذا لم توفق فيها, فقد تفشل مرة أخري في تحقيق حلمها الأكبر, وهو الجلوس علي المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.