الارهاب … مسؤولية الاحتلال
شؤون سياسية
الجمعة 28/11/ 2008 م
< د. ابراهيم زعير
في اللحظة التي بدأت الولايات المتحدة الأميركية تشعر بأنها تمنى بخسائر باهظة في العراق, آلاف القتلى من جنودها وآلاف أخرى من الجرحى والمعوقين وتصاعد حالات الانتحار
والأمراض النفسية والعقلية في صفوف جيشها المحتل وفشلها في تحقيق ما كانت تصبو إليه من أرباح هائلة من نهبها لثروات العراق ولاسيما النفطية, أدركت بأنه حان الوقت لإيجاد وسيلة تحفظ ماء الوجه للهروب من هذا البلد العربي الذي حولته المقاومة الوطنية إلى مستنقع ليس له قاع, تغوص فيه قواتها المحتلة أكثر فأكثر وفي كل يوم, فبادرت إلى طرح مشروع معاهدة أمنية وأخرى نفطية على العراق أملاً بأن تحصل من خلالها على مكاسب توحي بأنها حققت انتصاراً ما في العراق وأن غزوها لم يكن عديم الفائدة بالنسبة لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة ولكن الشعب العراقي بوقفته البطولية في رفض مشروع المعاهدة المذلة التي تحول العراق في حال تصديقها إلى حظيرة وقاعدة عسكرية وأمنية أميركية موجهة ليس فقط ضد العراق بل وضد جميع شعوب المنطقة, ولكن حسابات بوش الحالم بدخول التاريخ كمنتصر وليس كمهزوم اصطدمت برفض شعبي وعربي شامل لمشروع المعاهدة التي يراد منها تأكيد أنها سيدة العالم فشلت كما فشلت في أفغانستان ولبنان وفي غيرهما من مناطق العالم, مما أدخل أميركا في طور القصور والتراجع والتفكك الداخلي الذي يظهر باتساع الفجوة بين أباطرة المال والمحرومين منه 40 مليون أميركي يعيشون اليوم تحت خط الفقر وانحلال اجتماعي بتفرقة عنصرية وانتشار المخدرات والفساد المتزايد, إضافة إلى الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة التي تمتد كالسرطان المزمن إلى القطاعات الإنتاجية (الصناعية والزراعية) ما حولت إلى قوة تعتمد على تقنيات أسلحتها المتطورة وحدها محتكرة حق التدخل العسكري في أي بلد يعارضها ووفق ذرائع وشعارات مزيفة كالديمقراطية والحرية والتدخل الإنساني الخ.
إن مايعاني منه العراق منذ احتلاله يعتبر كارثياً على كل المستويات, فضحايا الاحتلال الأميركي فاق المليون عراقي وأكثر من أربعة ملايين مهجر خارج العراق فضلاً عن الدمار والخراب وتعطيل البنى التحتية واستفحال البطالة والجوع والمرض وفقدان الأمن وزرعها لحالات انقسام على أساس طائفي وإثني وديني وقومي يهدد وحدة العراق أرضاً وشعباً ناهيك عن نهب ثروات العراق النفطية وغير النفطية. إن جوهر الاتفاقية الأمنية والنفطية المنوي عقدها تعكس أهداف الاحتلال الأميركي للعراق , وهذه الأهداف واضحة للجميع أولاً: السيطرة الكاملة على ثروات العراق النفطية ونهبها من قبل الشركات الأميركية العملاقة وإقرار قانون النفط الجديد الذي يصر عليه الأميركيون لترسيخ هذه السيطرة على النفط والتي بدأت عملياً منذ الأيام الأولى للاحتلال إذ أعطى الاحتلال عقوداً مجزية لشركات أميركية مثل KBR وبيكتل وهاليبرتون, حيث بلغت عقود هاليبرتون عام 2003 ما مجموعه 1,7 مليار دولار وبلغت عقود (بتكتل) 350 مليون دولار ومنحت شركة (كيلوغ براون اندروت) حق توزيع الوقود في العراق كما سرقت أميركا أموال العراق المجمدة لديها وأموال فوائض )النفط مقابل الغذاء( البالغة أكثر من عشرين مليار دولار أميركي عبر صرفها في أعمال بناء وهمية ولم يكتف المحتلون بنهب أموال ونفط العراق بل قاموا بتدمير آثاره ومعالمه التراثية بهدف محو ذاكرة العراقيين وتراثهم وتاريخهم العظيم, وخربوا مدينة بابل التي تعتبر إحدى عجائب الدنيا السبع, إذ أقامت قوات الاحتلال ثكنة عسكرية في موقع هذا المدينة الأثري وحفروا الخنادق وأزيلت التماثيل التاريخية وقضت على نظام التعليم واغتيال المئات من أساتذة الجامعات والعلماء وحولت جامعة الأنبار إلى ثكنة عسكرية أميركية بعد قتل العديد من أساتذتها والهدف إفراغ العراق من طاقاته العلمية وإرغامه على الهجرة خارج العراق وهذا التخريب المبرمج هدفه إرجاع العراق إلى العصر الحجري.
Leave a Reply
You must be logged in to post a comment.