Catastrophes and Judgments.

<--

قد تجرفنا المشاعر إلي درجة أن يعرض أحد السعوديين دفع عشرة ملايين دولار ثمنا لحصوله علي الحذاء الذي دخل التاريخ عندما قذف به الصحفي منتظر الزيدي الرئيس الأمريكي بوش في المؤتمر الصحفي الذي عقده في بغداد‏,‏ أو أن تقترح ابنة العقيد معمر القذافي ـ كما ذكرت صحيفة هيرالد تريبيون ـ منحه جائزة الشجاعة‏,‏ أو أن يتحول في نظر الكثيرين إلي بطل قومي‏,‏ ويصبح الحذاء في نظر البعض هو سلاح الدمار الشامل الذي كان يبحث عنه بوش في العراق وقد وجده وجها لوجه‏!‏

كل هذا وغيره له أسبابه المفهومة التي تحملها المشاعر العربية تجاه الرئيس الأمريكي الذي يعتبر بشهادة شعبه وإعلامه أسوأ رئيس أمريكي في القرن العشرين علي الأقل‏,‏ ولكن الذي لايمكن تجاهله أن الصحفي لايحضر مؤتمرات الرؤساء وكبار المسئولين ليقذفهم بالأحذية أو يعتدي عليهم‏,‏ وإنما ليوجه إليهم مايريد من أسئلة مهما تكن محرجة‏,‏ وأن يقول في مواجهتهم ماقد يريد من آراء أيا كان عنفها‏,‏ معبرا في ذلك عن رأي الجماهير‏..‏ فالصحفي تفتح أمامه الأبواب المغلقة في وجوه الآخرين باعتباره ممثلا لصاحبة الجلالة التي تحاط بالحماية كمهنة سلاحها الرأي‏,‏ أما إذا تحول الصحفي إلي فتوة واستخدم وسائل أخري غير لسانه وقلمه سقطت عنه الحصانة‏,‏ ووضع المهنة نفسها في خطر بالغ‏.‏

أقول ذلك وأنا كاره شديد إلي حد الحقد والقرف لسياسة الرئيس بوش التي أصابت المنطقة بكارثة يعلم الله متي يمكن أن نخرج منها‏,‏ ولكنني أضع في الوقت نفسه عيني علي مايمكن أن تتعرض له المهنة من قيود وعقبات جديدة‏,‏ متذكرا أنه بسبب تصرف مواطن واحد أخفي سلاحا في حذائه عند ركوبه الطائرة‏.‏ أصبح يتعين علي ملايين الذين يركبون الطائرات كل يوم أن يخلعوا أحذيتهم قبل اقترابهم من الطائرة‏..‏

لقد كان ملاحظا تعامل بوش مع الواقعة بسخرية‏,‏ ربما لأن ثقافة الأمريكي في نظرته إلي الحذاء الذي يمكن أن يضعه الأمريكي في وجه محدثه‏,‏ ولا يعتبر ذلك قلة أدب‏,‏ تختلف عن نظرتنا إلي هذا السلوك‏..‏ ولكن من يضمن أن تكون تلك نظرة مسئولي الأمن ؟‏!‏

About this publication