The Political Powers in Iraq

<--

القوى السياسية في العراق

الثلاثاء, 30 ديسمبر 2008 12:29 نصير النعماني

اثبت الواقع بكل معطياته ان السياسية الاميركية كانت تتخبط بحلول انية لمشكلات لم تنجح في قراءتها مسبقا والسبب في في ذلك يعود الى ان الادارة الاميركية احسنت التخطيط للحرب ولم ترسم سيناريو ما بعد الحرب فاعتمدت سياسة الفوضى التي ارادتها خلاقة فجاءت تدميرية في كل مراحلها وهي ان نجحت في هذه السياسة في اميركا الجنوبية فانها فشلت في العراق فشلا كاد يعصف بالمشروع الاميركي تماما وخصوصا بعد ان استعانت الولايات المتحدة بشخصية سياسية مثيرة للجدل هو السفير زلماي الذي حاول ان ينقل التجربة الافغانية الى العراق وسعى بكل قوة لايجاد طبقة من امراء الحرب في العراق على غرار ما كان الواقع الافغاني يشهده نتيجة لتركيبة المجتمع ولطبيعة الصراع الذي كان دائراً بين مراكز القوى هناك وكان مراده من ذلك السعي ان يوجد طبقة من السياسيين العراقيين ومن مختلف اطياف الشعب العراقي يتمكن من تحريكهم بالاتجاهات التي يراها مناسبة لخلق حالة تصادم دائمة بين ابناء الوطن الواحد وحين افشل الاصرار العراقي على عدم الانجرار نحو الهاوية كل ما خطط له زلماي الذي تسبب في ضياع سنة كاملة مرت من دون تحقيق أي منجز على ارض الواقع بل ارتكب مجموعة من الاخطاء دفعت الكثير من القوى السياسة للمطالبة بابعاده عن العراق انطلق مشروع المصالحة الوطنية بقيادة الاستاذ المالكي وكانت المصالحة الوطنية من اولويات حكومته وسعى جاهدا لانضاج عملية المصالحة رغم كل المعوقات الناتجة من انعكاسات اجواء عدم الثقة والخوف من الاخر والتشكيك ناهيك عن اولئك الذين لازالوا متسمرين باماكنهم انتظارا لان يعود الزمان الى الوراء فنراهم في كل مناسبة يحاولون انعاش حلمهم المستحيل ومنذ سقوط النظام السابق والى الان لازال الصراع يدور بين القوى السياسية بسبب مصالح ضيقة تبتعد كثيرا عن الهم الوطني وقد اظهرت مناقشات اتفاقية سحب القوات الاجنبية سواء التي جرت في البرلمان او بين قادة الكتل في اجتماعاتهم الخاصة ظهرت حالة صراع خفي ظاهرة المصالح والمنافع والدفاع عن حقوق هذا الطرف او ذاك وحقيقة الصراع من اجل السلطة وقد برهنت وثيقة الاصلاح من خلال بعض بنودها على ان اشكالية السلطة في العراق لازالت راسخة في تفكير اتجاهات سياسية معروفة وان تلك الاشكالية هي عقدة المنشار في مسار ومستقبل العملية السياسية برمتها ولعل اللافت للنظر موقف اغلب القوى السياسية الممثلة بالبرلمان من حكومة الوحدة الوطنية ومن رئيسها بالذات حيث حاولت تلك الكتل ان تظهر الحكومة بمظهر المتفرد بالقرار والبعيدة عن المصالح الوطنية وبدا الجميع معارضين لسياستها وليس كشركاء في تلك الحكومة واظهروا تخوفهم من اسلوب قيادة السيد المالكي لتلك الحكومة رغم ان الاحداث اثبتت سلامة نهجه ووطنيته وانه يمتلك كل مقومات رجل الدولة القوي لا بالعنف او التسلط بالقوة انما بالارادة القوية على مواجهة الاخطار والتحديات والتعامل مع الظروف والمتغيرات باجراء وجلد وحكمة فقد كان وبحق وبنظر الغالبية من ابناء الشعب العراقي ومن مختلف اتجاهاته القومية والدينية والسياسية رجل المرحلة الذي نجح في قيادة البلاد الى بر الامان وعبر بها الى شواطئ السلامة ولعل في اتفاقية سحب القوات الاجنبية بداية مرحلة جديدة يتمكن من خلالها العراقيون من استعادة فرصة بناء الدولة العراقية على اسس صحيحة وتحقيق كل ما ينشده الشعب العراقي من رفاهية وامن واستقرار وتطور في كل المجالات الاقتصادية والاجتماعية واستعادة دوره الريادي على المستوى الاقليمي والعالمي في كل المجالات واذا كان الكثيرون يرون في الاتفاقية اهون الشرين فان ما نجح المفاوض العراقي من انتزاعه في هذه الاتفاقية يمكن بتوحيد الجهود ودعم الحكومة في مساعيها لتنجيز بنود الاتفاقية وتثبيتها على ارض الواقع يمكن ان يكون اساسا قويا لبناء الدولة العراقية والنهوض بواقعها المتردي , ان المرحلة القادمة مرحلة تحديات كبيرة في المجالات على كل الاصعدة وخصوصا في مجال بناء القوات المسلحة فالتوقيتات الزمنية التي حددتها الاتفاقية لانسحاب القوات الاميركية تتطلب الاسراع في بناء الجيش العراقي وتسليحه بالاسلحة الثقيلة اللازمة لمنحه القوة التي تمكنه من سد فراغ القوات الاميركية ومكمن التحدي في بناء الجيش العراقي هو الرفض الاميركي طيلة خمس سنوات لتسليح الجيش العراقي مما يتطلب العمل على اجبار وليس اقناع الادارة الاميركية على القبول بمبدا وجود جيش عراقي قوي و اخراجها من عقدة الخوف من وجود ذلك الجيش وكان دولة رئيس الوزراء واضحا في حديثه مع وجهاء وشيوخ عشائر ذي قار حين اشار الى ضرورة بناء الجيش على الاسس الوطنية والمهنية العالية ان ما نحتاجه اليوم هو اعادة الخدمة الالزامية واعادة بناء القوات المسلحة بكل صنوفها المقاتلة والساندة وبالاخص القوتين الجوية والبحرية واعادة النظر في بعض القيادات العسكرية وخصوصا الذين جاءت بهم المحاصصة وضم الخبرات العسكرية من قادة كبار ضباط الجيش العراقي السابق ان مهمة بناء القوات المسلحة مهمة وطنية يجب ان يدعمها الجميع لانها الوسيلة لتحقيق الانسحاب وطي صفحة الاحتلال والى الابد واول الطريق الى ذلك التوقف عن الاعمال المسلحة التي تشغل القوات المسلحة عن مهمة اعادة البناء والتدريب ومنح هذا الجيش ما يستحق من ثقة والكف عن التشكيك بوطنيته وولائه فقد اثبتت الاحداث ان ولاء جيشنا للعراق وليس لغير العراق وحان الوقت لان يثبت دعاة الوطنية وطنيتهم بان يضعوا ثقتهم بجيشهم وحكومتهم ويقفوا معها لاخراج القوات الاجنبية وخصوصا ان الاشهر الستة القادمة ستكون فرصة اختبار لجدية الطرف الاميركي فهل ستعي القوى السياسية خطورة المرحلــة فتتنازل عن مصالحها وتكف عن صراعها لسد الطريق بوجه الولايات المتحدة لاختلاق أية ذريعة للبقاء والتنصل من التزاماتها ان القوى السياسية العراقية مطالبة من اجل مصلحة العــراق القوي المستقل القادر على حماية امنه وحدوده و المتحرر من كل تبعات الاحتلال وما سبقه من استلاب السيادة طيلة عقدين من الزمن لا يتحدث عنها المشككون في شــرعية الدولة العراقية ويصفونها مرة بالمحتلة واخرى بناقصة السيادة غير المؤهلة لعقــد اتفاقيات مع دولـة الاحتلال لانها الطرف الاضعف رغم ان القانون الدولي الــذي يحتجــون به قد وضع جملة شروط تكون معهـا الدولة كاملة السيادة من مفهوم القانون الدولي ومؤهلة لعقد اتفاقيات ملزمة مع جميع الدول اهمها ان تكون قادرة على الاحتكام الى محكمة العدل الدولية و ان تكون الــدولة قادرة على تطبيق قوانينها من خلال امتلاكها للقوة القادرة على فرض تلك القوانين وان تكون قد عقدت اتفاقيات مع دول اخرى وكل هذه الشروط متوفرة في حكومة الوحدة الوطنية وفي الدولة العراقية.

About this publication