Back Off, Please!

<--

إذا ما نفذ أوباما تعهده بإرسال‏30‏ ألف جندي إضافي إلي أفغانستان لمواصلة الحرب ضد الإرهاب‏,‏ فقد يغرق هو أيضا في مستنقع ربما يكون أخطر من المستنقع العراقي‏..‏ فكل الظروف في أفغانستان تنذر بأن مواصلة الحرب ستزداد صعوبة وتكلفة ولا انتصار فيها‏,‏ حتي ولو اعتمدت علي الاستراتيجية التي يريد الجنرال بترايوس نقلها من العراق ويقول أنها وضعت حدا للعنف هناك‏..‏

وهي تشكيل ما يشبه مجالس الصحوة العراقية من مقاتلي العشائر الأفغان‏(‏ معظمهم من البشتون‏)‏ وتكليفهم بمهام قتالية ضد طالبان والقاعدة‏..‏ و فقد يفاجأ بترايوس بأن ما ينجح بالعراق قد يفشل في أفغانستان‏.‏ ثم إن هذه الاستراتيجية مرفوضة من الأفغان أنفسهم ويعتبرونها خطة لتدمير البلاد‏..‏ فهم يخشون من أن تخرج هذه الميليشيات عن السيطرة لترهب السكان وتنقلب علي الحكومة وتشعل حربا أهلية مدمرة‏..‏

وفي حالة فشل الاستراتيجية‏,‏ فإن إرسال مزيد من القوات الأمريكية قد لا يجدي‏,‏ لأنها لن تنتشر علي الحدود الباكستانية أو في المناطق التي تسيطر عليها طالبان‏,‏ وإنما في المدن والقري الكارهة للقوات الأجنبية‏,‏ فتزيدها اضطرابا وذعرا وتمردا‏,‏ وتتعرض هي نفسها لعمليات إرهابية‏..‏ علما بأن ميليشيات طالبان تسيطر الآن علي‏72%‏ من أفغانستان‏,‏ وعلي طرق رئيسية مؤدية لكابول‏,‏ وتمارس نشاطاتها بحرية‏.‏

البديل الوحيد لميليشيات العشائر هو استخدام قوات الجيش والبوليس الأفغاني في اقتحام تلك المناطق لكنها ليست مستعدة كما أن الحلفاء في الحرب ضد الإرهاب‏(70‏ ألفا من‏40‏ دولة‏)‏ يرفضون طلبا لأوباما بزيادة عدد قواتهم هناك بسبب رفض شعوبهم المتشككة في فاعلية تلك الحرب‏,‏ وتعتبر أن قواتها المسلحة معنية بالدفاع عن أراضيها فقط‏.‏

علي الجانب الآخر‏,‏ تتعرض الجبهة الباكستانية لأزمة أخري بعد انتقال عشرين ألفا من قواتها من الجبهة الأفغانية إلي حدودها مع الهند خوفا من نشوب حرب معها‏..‏ ثم إن باكستان نفسها مهددة بالانهيار‏,‏ وقد أصبحت المنطقة الأخطر في العالم بما تضمه من منظمات إرهابية علي علاقة بأجهزتها المخابراتية والعسكرية‏

وأصبح من الصعب الاعتماد عليها في مكافحة الإرهاب‏..‏ لذلك فإن تورط أوباما في حرب أفغانستان في وقت تعاني فيه بلاده من أزمة مالية مريرة‏,‏ ويعاني جيشه من الانهاك‏,‏ قد يكون الانتحار بعينه‏..‏ فلماذا لا يعيد النظر في خطة التصعيد‏,‏ ويدرس الأسلوب الأمثل لسحب قواته من هناك ويكفيه أن يحمي أراضيه من الإرهاب الذي قد يأتيه من الداخل أو الخارج؟

About this publication