Egypt and a Conspiring Agreement

<--

بعد 21 يوما من العدوان الإسرائيلي على غزة ، انفضح المستور حول الأهداف الحقيقية من وراء تلك الهجمة الصهيونية على الأبرياء والمدنيين ، حيث تأكد بما لايدع مجالا للشك أن العدوان لم يكن يستهدف حماس بالأساس وإنما حصار العالم العربي برا وبحرا وجوا ، بجانب تهيئة الأجواء لضرب إيران .

ففي 16 يناير ، وقعت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني ونظيرتها الأمريكية كونداليزا رايس اتفاقا مشبوها في واشنطن ينص على فرض مراقبة صارمة على مداخل قطاع غزة البرية والبحرية والجوية بمشاركة حلف الناتو وقوى إقليمية بحيث تنتشر هذه المراقبة لتشمل البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وخليج عدن والخليج العربي وكذلك سيناء المصرية.

كما تضمن الاتفاق تعهد واشنطن لإسرائيل بإقامة جهاز مراقبة واسع لمنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة ومراقبة معابرها ، وتزويدها بأجهزة متطورة لاكتشاف الأنفاق ، بجانب تدريب قوات محلية في المنطقة على كيفية مواجهة تهريب السلاح إلى غزة.

وبالنظر إلى أن الترتيبات السابقة تتعامل مع غزة وكأنها قوة عظمى وليست مساحة صغيرة واقعة تحت الاحتلال الصهيوني ، فقد تنبه كثيرون من دول المنطقة لحقيقة أن العدوان على غزة لم يكن فقط بهدف استعادة قوة الردع الإسرائيلية منذ الهزيمة القاسية التي تعرض لها الجيش الإسرائيلي في حرب تموز 2006 أو لتأديب حماس وردعها عن إطلاق الصواريخ الإسرائيلية على البلدات الإسرائيلية الجنوبية وإنما له أهداف خفية أخرى تتلخص في حصار العالم العربي وإرهابه للقبول بالتسوية التي أعدت لتصفية القضية الفلسطينية سواء كان ذلك عبر القبول بدولة فلسطينية بدون القدس الشرقية المحتلة وغير قابلة للحياة أو عبر المخطط الذي كشف عنها جون بولتون المندوب الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة والذي يهدف لفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وإلقاء مسئولية القطاع على مصر والضفة على الأردن كما كان الحال قبل هزيمة 5 يونيو 1967 .

مصر تحركت سريعا لإحباط الاتفاق السابق ، لأنه من ناحية يورطها في ترتيبات أمنية إقليمية جديدة تهدف فقط لخدمة مصالح إسرائيل وتهدد أمنها القومي بصفة خاصة والأمن القومي العربي بصفة عامة ، بجانب أنه يعد تجاوزا لمبادرتها لوقف العدوان ، حيث أعلنت مصادر حكومية إسرائيلية فور توقيعه بأن إسرائيل ستعلن وقفا لإطلاق النار من جانب واحد وكأن المبادرة المصرية لم تكن موجودة من الأساس ، أو أنها لم تحقق لإسرائيل ما كانت تسعى إليه عبر الحصول على انتصار دبلوماسي يغطي على إخفاقها العسكري الواضح .

التحرك المصري جاء عبر عدة خطوات كان أولها الدعوة لقمة إقليمية ودولية تشاورية تضم كلا من رئيس السلطة الفلسطينية وملك الأردن والرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية والأمين العام للأمم المتحدة ، لتوصيل رسالة لهم مفادها أن إسرائيل تجاوزت المبادرة المصرية وقرار مجلس الأمن 1860 وتخطط لإبقاء الوضع مشتعلا في

غزة والمنطقة برمتها عبر الحديث عن إطلاق النار من جانب واحد وعدم التطرق لمسألة الانسحاب الفوري ، بالإضافة لتأكيد أن العدوان على غزة لم يكن كما هو معلن بهدف وقف إطلاق الصورايخ وإنما بهدف وضع ترتيبات أمنية جديدة تضر بدول المنطقة برمتها ومصر لن تكون جزءا من هذا المخطط ، وهذا ما عبر عنه بوضوح وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط عندما أكد في 17 يناير أن مصر غير ملزمة بهذا الاتفاق ، كما أكد الرئيس المصري حسني مبارك بعد ذلك بساعات قليلة أن مصر لن تقبل أبدا بنشر قوات دولية على الحدود مع غزة واعتبر هذا الأمر خطا أحمر.

ورغم أن الموقف المصري وجهت له انتقادات كثيرة منذ بدء العدوان لأنه لم يقم بما هو معتاد من مصر في الأزمات العربية المختلفة ، إلا أن هذا التحرك السريع اعتبر خطوة على الطريق الصحيح ، كما أن تصريحات الرئيس مبارك أزالت كثيرا من سوء الفهم حول هذا الموقف ، حيث طالب إسرائيل بوقف غير مشروط لإطلاق النار وسحب كل القوات الإسرائيلية تماما من القطاع ، وتوجه إلى اسرائيل بالقول :”العدوان لا يوقف المقاومة ولا يحقق أمن الإسرائيليين ، بل يعمق مشاعر الغضب والكراهية عن الفلسطينيين ويقطع الطريق إلى السلام “.

وحول المعابر، قال مبارك إنه يدعو إسرائيل إلى فتح كافة المعابر ورفع الحصار عن الشعب الفلسطيني، مؤكدا أن معبر رفح سيظل مفتوحا أمام المساعدات الإنسانية ونقل الجرحى، إلى حين يعاد افتتاحه بشكل كامل بموجب اتفاقية المعابر التي وقعت العام 2005 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل والاتحاد الأوروبي.

واستعرض جهود مصر في القضية الفلسطينية ، قائلا:” كنا مع أبو عمار في نضاله من أجل شعبه وأخرجناه من حصاره في لبنان وكنا معه في مؤتمر مدريد ، دعمناه كرئيس للسلطة الفلسطينية ، صاحبته مصر في عودته لغزة بعد اتفاقيات أوسلو 1993 ، رفضنا تشجيعه على قبول تسوية ظالمة في كامب ديفيد عام 2000 ، كنا معه في الانتفاضة الأولى والثانية ومع أبو مازن في جهوده من أجل دولة فلسطينية”.

وتابع ” مصر احتضنت شعب وقضية فلسطين بمواقف واضحة وبدون أي غرض ، دعونا أن يكون قرار أبناء فسلطين بأيدهم ، وأن تقف المقاومة وراء المفاوض تشد أزره وتدافع عن قضيته”.

واستطرد مبارك ، قائلا :” تحسبت مصر من تبعات عدم تمديد التهدئة وأن إسرائيل تتخذ منها ذريعة للعدوان ، طالبنا بأقصى درجات ضبط النفس ، فعندما وقع العدوان على غزة ، كانت مواقفنا الإدانة والتحرك عمليا باتجاه وقف العدوان ، طرحنا المبادرة الوحيدة للخروج من الأزمة وسعينا إلى انجاحها ، طرحت مصر هذه المبادرة في غياب أي مبادرة أخرى لوقف نزيف الدماء ومواجهة مماطلة مجلس الأمن ، ورغم اعتماد قرار مجلس الأمن فإن العمليات العسكرية الإسرائيلية تواصلت بقطاع غزة المحتل”.

واختتم مبارك تصريحاته مؤكدا التزام مصر تجاه الحوار الفلسطيني – الفلسطيني وحرص مصر على إنهاء الانقسام الفلسطيني ووحدة العرب دون التفات إلى “المزايدات والصغائر”.

والخلاصة أن الأهداف الحقيقية للعدوان انفضحت وتهدف لتغيير الخارطة الأمنية للمنطقة برمتها ، عبر قيام الكيان الصهيوني ومن خلفه أمريكا بمراقبة وتفتيش السفن التي تعبر في كل المسطحات المائية التي تمر بالعالم العربي ، وبالتالي حصار دوله وانتهاك سيادتها وتهديدها بعدوان مماثل لما جرى في غزة إن لم تذعن لإسرائيل ، وهذا ما أدركته مصر وكلنا أمل أن يتناسى العرب خلافاتهم الثانوية والانتباه لما يحاك من مؤامرات ضدهم ، وهنا لامناص أمام العرب من خيار سوى تقوية التعاون مع إيران وتركيا والبعد عن الحديث الطائفي بين سنة وشيعة ، فهذا لايخدم سوى مخططات أمريكا وإسرائيل في المنطقة.

About this publication